حروبُ البشرِ مع الجيوش المِجهرية الجزء الخامس: داء البلهارسيات

Template_May_2016-4

|

حروبُ البشرِ مع الجيوش المِجهرية
الجزء الخامس: داء البلهارسيات

لم يكن الأربعاء مثلَ كُلِّ أربعاء، عندما لَفَظَ العندليب الأسمر أنفاسه الأخيرة في الثلاثين من مارس عامَ 1977، مُتأثرًا بفشلٍ كبدي إثر إصابتهِ بالبلهارسيا في صِغَرِهِ. كان الطفيل القاتل من نوع مانسوني (Schistosoma Mansoni) والذي لم يُؤثِّر فيهِ علاجُ العندليب بمستشفى الملك بلندن. [1] فما هو هذا الطفيل؟

داء البلهارسيات (Bilharziasis) أو (Schistosomiasis) هو مرضٌ طُفيلي تُسبِّبه دودة البلهارسيا، وهي جنسٌ من الطفيليات من طائفةِ المثقوبات شعبة الديدان المسطحة. [2] ومن أكثرِ أنواعِها انتشارًا: المانسونية (S. mansoni)، واليابانية (S. japonicum)، وهيماتوبيوم (S. haematobium)، وميكونغ (S. Mekong) [3]. تنتشر دودة البلهارسيا المانسونية في جنوبِ الصحراء الكبرى بأفريقيا وشبه الجزيرة العربية وفنزويلا والبرازيل وسورينام وبعضًا من جُزُر الكاريبي. بينما تنتشر دودة البلهارسيا اليابانية في الصين وأجزاء من إندونيسيا والفلبين. أما دودة البلهارسيا من النوع هيماتوبيوم فتنتشر في جنوب الصحراء الكبرى أيضًا ودولِ شرقِ البحر المتوسط بأفريقيا. وعلى طول نهر ميكونغ بكمبوديا تنتشر دودة البلهارسيا من النوع ميكونغ . [3]

وفي مِصرَ القديمة كانت البلهارسيا من النوع هيماتوبيوم مُتفشيَّةً، حيث تَمَّ تشخيص مومياوات يعود عمرها إلى 3000 و4000 و5000 عامٍ بها، و من المعروفِ أنَّ جيوشَ نابليون بونابرت في مصر قد عانت من البيلة الدمويّة (وجودُ دمٍ بالبول) و التي كانت على الأرجح بسبب البلهارسيا. حتى ذلك الوقت لم تكن حدة انتشار الطفيل قد ازدادت، ولكن هذا لم يدم طويلًا حتى اتجهت مِصرُ إلى نظامِ الريِّ الدائمِ عامَ 1821، ونتج عنه زيادة الإنتاج الزراعي وبالتالي زيادة عدد السكان بالريف؛ مما زادَ عدد الإصابات بالبلهارسيا. [4] ، [5]

وأظهرت الدراسات في مصر فعالية البرازيكونتيل (praziquantel) في القضاءِ على الطفيل، وذلك منذ استخدامه عام 1983 في المناطق الموبوءة في محافظة البحيرة ودلتا النيل (اقتربت نسبة المرض من 73.5%) وذلك تحت إشراف اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية والحكومة المصرية. كما أظهرت الدراسة تَفشِّي داء البلهارسيات بين أطفال المدارس ومدى قوة البرازيكونتيل في محاربته، حيث انخفض مُعدَّل انتشار المرض بين أطفال المدارس من 75.4 % إلى 40.9% في منطقة، ومن 80.5 % إلى 30.8% في منطقةٍ أخرى. وقامت وزارةُ الصحة بتوفير البرازيكونتيل بشكلٍ مجاني في برنامجها للقضاء على البلهارسيا في مصر كلها عام 1988 وذلك للأشخاص المرضى فقط. [9]

دورة حياة الطفيل

  • تفقِسُ البيْضات في الماء مُطلِقةً الميراسيديوم الذي يسبحُ نحوَ العائل الوسيط (نوعٌ معين من القواقع حسب نوع البلهارسيا) ليتكاثر مُكوِّنًا جيلين من الأكياس الجرثومية تليها ظهور السركاريا.https://www.youtube.com/watch?v=eQXBhHXY5hM
  • بعد نضجها، تسبح السركاريا نحو العائل الأساسي (الإنسان) ليخترق جلده تاركًا الذيل بالخارج (شيستوسوميولا)، لينضج في الدورة الدموية وينمو إلى دودةٍ بالغة.https://www.youtube.com/watch?v=tsA8yiwC3nM
  • تقطن الديدان البالغة أماكنَ مُختلفة من الدورة الدموية حسب نوع الدودة (مثلًا بلهارسيا هيماتوبيوم التي تقطن الأوعية الدموية للمثانة أو المستقيم).
  • تضع إناث الديدان بويضاتها في وريدات المثانة وما حولها، التي تنتقل فيما بعد إلى تجويف الأمعاء (في حالة البلهارسيا المانسونية واليابانية)، وإلى المثانة والرحم (في حالة بلهارسيا هيماتوبيوم) لتخرج مع البراز أو البول. [6]الأعراض والتشخيص

    تظهر أعراضٌ مُميَّزة على مرضى البلهارسيات بسبب تفاعل الجسد مع الطفيل. بعض هذه الأعراض يتمثَّل –في حالة بلهارسيا مانسوني مثلًا– في ألمٍ بمنطقة البطن وإسهالٍ وبُرازٍ دموي وتضخم الكبد والطحال، وبولٌ دموي في حالة بلهارسيا هيماتوبيوم وتليف المثانة البولية والحالبين. ويتم تشخيص البلهارسيا عن طريق رصد البويضات في عيَّنة البراز أو البول، كما يمكن تشخيصها عن طريق رصد الأجسام المضادة في نفس العينة. [7]

    الوقاية والعلاج

    وبشكلٍ عام، فإنه لا يوجد لقاحٌ للبلهارسيا، ولكن في المقابل هناك إجراءات يُرجى اتخاذها لتجنب الإصابة بالطفيل، مثل عدم التعرض لمياهٍ مُلوثة أو السباحة بها. إذا كان مصدر المياه الوحيد هو مصدرٌ طبيعي، فإنه قد تنتقل السركاريا إلينا خلال هذه المياه عند شربها. ولتجنب الإصابة في هذه الحالة، يتم استخدام أجهزة لتنقية المياه وتسخينها –في حالة الاستحمام مثلًا– إلى 50 درجة مئوية لخمسة دقائق أو أكثر. وعلى أيِّ حال فإن السركاريا تموت بعد حوالي 24 ساعة، فإن تُركِت المياه لهذه الفترة أو أكثر كافٍ. ولم تدِّخر منظمة الصحة العالمية جهدًا في المشاركة في وضع استراتيجيةٍ للتحكم بالطفيل، وذلك عن طريق العلاج الدوري للمرضى والأشخاص المُعرَّضين للمرض في المناطق الموبوءة بالـبرازيكونتيل (praziquantel) ..[8]،[7]

    إعداد:
    – Muhammad Sadeq
    – Mahmoud Ahmed
    – Ahmed Abdo
    مراجعة لغوية: Mohamed Sayed Elgohary

تحرير: ندى المليجي

المصادر:
1- https://en.wikipedia.org/wiki/Abdel_Halim_Hafez#Death
2- https://en.wikipedia.org/wiki/Schistosoma
3- http://www.who.int/ith/diseases/schistosomiasis/en/
4- THE HISTORY OF SCHISTOSOMIASIS RESEARCH AND POLICY FOR ITS CONTROL by F. R. SANDBACH*  http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC1081781/pdf/medhist00110-0029.pdf
5- http://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S2090123212000525
6- https://www.niaid.nih.gov/topics/schistosomiasis/Pages/SchistomesLifecycle.aspx
7- http://www.who.int/mediacentre/factsheets/fs115/en/
8- http://wwwnc.cdc.gov/travel/yellowbook/2016/infectious-diseases-related-to-travel/schistosomiasis
9- http://apps.who.int/medicinedocs/en/d/Jwhozip48e/8.2.html

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي