يُمثِّل الخوف من الشيخوخة كلَّ المشاعر السلبيّة والمُخيفة التي تتعلَّق بالكبر، والتي تتضمَّن كل الخسارات المختلفة التي قد يتعرض لها المرء. مما يُفقد حياة المرء كل معنى لها. وهذا يُفسِّر الجهد المستمر المبذول لتجنُّب الشيخوخة والبقاء في مرحلة الشباب للأبد. ¹
تعالوا لنتعرف معًا على أسباب الخوف من الشيخوخة وطرق التعامل معها.
الخسارات المحتمَلة مع كبر السن²
التغيُّرات المصاحبة لكبر السن هي أحد الأسباب الرئيسيّة للخوف من الشيخوخة، ويحدث هذا على عدَّة مستويات، مثل:
الخسارة الجسديّة
ترتبط الخسارة الجسديّة بالتغيُّر في الحالة الصحية والقدرات الجسدية، وذلك بسبب:
- التشخيص بمرضٍ مُزمن.
- قدرة الشخص على الاعتناء بنفسه كالاستحمام أو تغيير الملابس.
- تغيُّر المظهر الخارجي كتساقط الشعر والتجاعيد.
- التغييرات الجنسيّة.
الخسارة المعنويّة
تتمثَّل الخسارة المعنويّة في القلق المُصاحِب الذي يُسبِّبه:
- الشعور بالاعتماد على الآخرين
- فقدان التحكُّم بالنفس
- تدهور الإدراك
- عدم الاستمتاع بالحياة
الخسارة الاجتماعيّة
تتركَّز الخسارة الاجتماعيّة في:
- تدهور العلاقات الاجتماعيّة
- قلَّة التعامُل مع الآخرين
- المشاكل الاقتصاديّة والبطالة أو الإحالة على المعاش
الخسارة الشخصيّة
وتلك الخسائر تنتنج عن التفكير الدائم في:
- كيفيّة مواجهة الموت
- تقييم معنى الحياة التي عاشها المرء
- الهويّة الوجوديّة للفرد (والتي غالبًا ما تكون مرتبطة بمعتقدات دينيّة أو روحيّة)
الخوف من المرض المزمن³
طالما يرغب الناس في البقاء في مرحلة الشباب للأبد، إلا أن الخوف من الشيخوخة وخصوصًا الخوف من الأمراض المزمنة التي تصاحبها دائمًا ما يلوح في الأفق.
ويرجع ذلك لإدراك الآثار المترتبة على هذه الأمراض من اضطرابٍ نفسيّ وعجزٍ جسديّ يُثقل كاهل أفراد الأسرة وأفراد الرعاية الصحية، ويؤدي إلى تغيُّراتٍ طويلة الأمد تتعلَّق بالعمل وطريقة الحياة بشكلٍ عام.
فدائمًا ما يرتبط كبر السن بتدهوُّر الصحة والإصابة ببعض الأمراض المُزمنة مثل:
- السرطان
- الزهايمر
- السكر
- أمراض القلب
- التهابات المفاصل
- مشاكل العظام والعضلات (كآلام الظهر والتهابات العمود الفقري)
إلا أن لهذا الخوف وجهٌ آخر إيجابيّ، فقد تؤدي هذه المخاوف -مع زيادة الوعي المتعلق بعواقب الأمراض المزمنة- إلى حثِّ الناس على عيش حياة أكثر صحية للبقاء في صحة جيدة لفترةٍ أطول.
القلق المصاحب للشيخوخة4
يُعرف القلق المصاحب للشيخوخة على أنه القلق الناتج عن ترقُّب الأحداث السيئة والخسارات المحتمَلة المرتبطة بكبر السن، ويظهر ذلك في صورة اكتئاب وتوتُّر وأعراض جسديّة.
ومن تلك المخاوف هي الخوف من مواجَهة الموت وعدم معرفة ما تُخبئه الحياة الأخرى مما يسبب شعورًا عارمًا بالخوف من انتهاء الحياة ومواجهة المجهول.
وقد أظهرت بعض الدراسات علاقة الوعي بالموت والقلق المصاحب للشيخوخة، حيث تزداد أعراض القلق والاكتئاب وفقدان معنى الحياة كلما ازداد الوعي والتفكير في الموت.
تعلم حب الشيخوخة والكبر في السن¹
إذا كانت هناك حقيقةٌ واحدةٌ يجب تعلُّمها فهي أن الخوف من الشيخوخة هو أقوى عامل يخلق ما نخشاه بالضبط.
فهناك العديد من الطرق التي يمكننا النظر بها إلى الشيخوخة بطريقة تمكننا من حب التقدُّم في السن، مثل:
- تقبُّل وإدراك أن كبر السن ما هو إلا جزء من الواقع وهي مرحلة طبيعيّة تحدث لنا جميعًا، والهدف هو تغيير نظرتنا للشيخوخة كابتلاء يجب الخوف منه.
- التوقُّف عن إنفاق ملايين الجنيهات على الحدِّ من الشيخوخة، واستبدال ذلك ببذل المجهود والوقت اللازمين للتحسين من مرحلة الشيخوخة وعيشها بطريقة صحية أفضل.
- النظر إلى الحكمة المُصاحِبة للشيخوخة؛ فالحكمة هي الخبرة التي تحتوي على كلِّ المعلومات الخاصة بالخبرة الإنسانيّة ومعرفة العالم والعلاقات الاجتماعيّة.
تقول بيتي فريدان:
«طالما أننا نحبس أنفسنا بهوس الشباب، فلا يمكننا إلا التقدم في السن بغضبٍ وانتزاعٍ لإنسانيتن»
فهؤلاء الذين يتخلون عن إنكار التقدُّم في العمر ويكبرون بوعيٍ هم فقط من يدركون قدراتهم التي تزداد مع التقدُّم في العمر، ويصبحون أكثر أصالة.