تموت الكثير من الأحلام يوميًّا ويطويها الزمان والسبب هو الانتظار. انتظار الوقت المناسب، والظروف المُلائِمة، واللحظة المثاليّة لكي نبدأ، ثم لا تأتينا تلك اللحظة أبدا، فلا نُنجز شيئًا على الإطلاق!
«لا تحتاج أن تكون عظيمًا لتبدأ، ابدأ الآن تكن عظيمًا»
_ زيج زيجلر _
انتظار الكمال واللحظة المثاليّة يجعل أيدينا مغلولة ويمنعنا من تحقيق الكثير من الأحلام والأفكار والرؤى، تُرى كم حُرِمنا من أفكار وحلول سحرية كانت لتحل مشاكل كثيرة في حياتنا. ألم يحدث ذات يوم أن جاء أحدكم بفكرة عبقرية لحل مشكلة ما، كالازدحام المروري وأطفال الشوارع وحوادث الطرق، ألم يجد أحدكم حلًا مناسبًا لانتشار حالات الاكتئاب والانتحار، ومشاكل البيئة وغيرها، تُرى كم كانت لتصبح حياتنا أسهل لو أنك بدأت لحظة نزول الوحي!
الكمال: تحت مِجهر أعين علماء النفس
يتم تعريف الكمال على إنه أحد السِمات الشخصيّة متعددة الأبعاد التي تصيب الإنسان وتجعله مُبالغًا في معاييره، ناقدًا لاذعًا -وأحيانًا مُزعجًا- لكل ما يدور حوله من أبسط الأشياء لأعقدها، لديه نقدًا كبيرًا لذاته، ورهبة من تقييم الغير له. لم تكن أبدًا الرغبة في الكمال عيبًا أو حالة سلبيّة على الدوام، فكما أنها ترفع معايير صاحبها وتزيد معدلات الخوف لديه وقد تصيبه بالاكتئاب أحيانًا إلا إنها تدفعه دفعًا نحو إتقان العمل ليخرج في أبهى صورة وأعلى جودة ممكنة. [1]
لقد أُجريت على مدار السنوات الماضيّة، أبحاث ودراسات عدّة على العلاج المنطقي – الانفعالي والمعرفي السلوك (بالإنجليزيَّة: Rational-Emotive and Cognitive-Behavior Therapy)- وقد رُبِط بين سِمة الكمال والكثير من الأمراض النفسيّة كرهاب الفشل، والقبول المشروط للنفس وللآخرين، والرغبة الداخليّة في تحقيق أهداف مُتطرفة غير عقلانيّة وغير واقعيّة. [2]
وقد اتفق علماء النفس على أن الكماليين (بالإنجليزيَّة: Perfectionists) دائمًا ما يرفعون سقف التوقعات والمعايير إلى أقصى حد، وقسموهم حسب قابليتهم للتكيّف على قسمين: كماليّ مُتكيف، وكماليّ غير مُتكيف، والفرق بينهما أنه عندما لا تسير الأمور كما خُطط لها، فإنه تزداد فرصة الإصابة بأمراض كالاكتئاب والقلق بشكل أكبر لدى الكماليّ غير المُتكيّف. [3]
والآن إليك سبع علامات تدل على أنك مصاب بالكماليّة
-
- تعتبر غيرك “كسولًا” وغير كُفْء.
- يعتبرك الناس شخصًا كثير القلق، ولكنك لا ترى ذلك.
- يعتبرك الآخرون شخصيّة عدوانيةّ مع أنك لست كذلك.
- تبدو للآخرين غير سعيد رغم نجاحك.
- يشعر الآخرون بأن عليهم أن يكونوا ذوي أداء عالي لتكون راضٍ عنهم.
- يصفك الآخرون بأنك “مُتحكم” ولكنك لا تظن ذلك.
- تعتبر الحديث عن المشاعر مضيعة للوقت. [4]
والآن تخلص من الكماليّة!
تصف ليندا بلير (بالإنجليزيَّة: Linda Blair)، عالمة علم النفس، الشخصيّة الكماليّة بأنها شخصيّة تبحث دائمًا عن العلامة الكاملة والآداء الذي لا تشوبه شائبة، كما إنها تجد من الصعب تفويض أمر ما، ولو على حساب صحتها وعلاقاتها، فما يهم لديها هو النتائج فقط.
ويُخبرنا بريني براون (بالإنجليزيَّة: Brene Brown) أن هناك شعرة بين أن تبذل أقصى ما عندك لتحقيق أهدافك والرغبة في الكمال، فالفرق بينهما يكمن في الغاية، فالأول يسعى بجِدّ لتحقيق أهدافه ويفرح بتحقيق النتائج مهما كانت ساعيًّا دائمًا أن تكون أفضل، أما الآخر فهو لا ترضيه أي نتيجة ودائمًا ما ينظر للجانب السلبيّ ونقاط الضعف، فصاحب الشخصيّة الكماليّة دائمًا ما يخاف من لوم الآخرين وأحكامهم.
أليس ما يدفعنا نحو التفكير بالكمال هو الخوف من الفشل؟ فلنفكر قليلًا فيما سنتعلم خلال الرحلة بدلًا من التفكير الزائد في النتائج. [5]
اِبْدأ الآن، وتحَسَّن لاحقًا
دائما ما أُشبه البدايات بالمقبلات الشهيّة، تكون قبل الوجبة الأساسيّة ولا تشبع من جوع، لكنها تفتح شهيتك لتناول الطعام. لا تظن أبدًا أن مشروعك أو أغنيتك أو مقالك سيكون جاهزًا تمامًا ما لم تضعه على ورق، خطط وابدأ الآن وعدل فيما بعد.
دعّ الريح تحملك إلى نهاية المطاف
حين تبدأ العمل على مشروعك لا تحلل وتفصل الأمور كثيرًا، فقط ابدأ ودَون ملاحظاتك بين الحين والآخر، ففي النهاية دائمًا يمكنك تصحيح الأمور وتعديلها فلا تشغل رأسك وتُكثر التفكير بالنهايات.
لا تنتظر الوقت المثالي
اصنع لنفسك ميعادًا نهائيًّا لتبدأ فيه حتى لو لم تكن جاهزًا مئة بالمائة، هذا الأمر بإمكانه مساعدتك كثيرًا لتبدأ مشروعك.
«لا يبدأ العرض لأنه جاهز، ييدأ فقط لأن وقته قد حان»
–لورني مايكلز (بالإنجليزيَّة: Lorne Michaels)، المنتج الدائم لبرنامج SNL الشهير–
يجب عليك مواجهة مخاوفك، لا تماطل
لا تتجنب الفشل بتأجيل المهام الصعبة والكبيرة عليك، بل قسمها لمهام أصغر ليسهُل عليك تنفيذها وتجنب القلق والتفكير الزائد.
اِجعل أهدافك واقعيّة وقابلة للتحقيق
اجعل أهدافك واضحة، ومُحددة، وواقعيّة وقابلة للتحقيق وقابلة للقياس، ولا ترفع سقف توقعاتك ومعاييرك بشكل كبير، ركز على أن تبذل أقصى ما لديك ودعك من النتائج.
المصادر:
المصدر الأول
المصدر الثاني
المصدر الثالث
المصدر الرابع
المصدر الخامس