السيروتونين:

يُعرَف أيضًا باسم (5-هيدروكسيتريبتامين–5-hydroxytryptamine)، وهو ناقل عصبي معقد، ويُعتقَد أيضًا أنه هرمون⁽¹⁾، وهو المسؤول الرئيس عن استقرار المِزَاج، ومشاعر الرِّضَا عن النفس والسعادة.

يؤثِّر السيروتونين على كامل الجسم، ويُمكِّن خلايا الدماغ وخلايا الجهاز العصبي من التواصل مع بعضها البعض، ويساعد أيضًا في النوم والهضم، ومع ذلك فأن المستويات المرتفعة من السيروتونين قد تؤدي إلى نشاط الخلايا العصبية بشكل مفرط⁽²⁾، بينما ترتبط المستويات المنخفضة منه بمشاعر الوَحْدَة والاكـتِـئاب⁽¹⁾.

ويُنتَج السيروتونين في الأمعاء والدماغ، كما أنه موجود في صفائح الدم و(الجهاز العصبي المركزي –(central nervous system^(5).

كما يتم إنتاج السيروتونين عن طريق تفاعل حيوي يجمع بين (التربتوفان–Tryptophan) الذي هو أحد الأحماض الأمينية، و(التربتوفان هيدروكسيلاز-tryptophan hydroxylase)، لإنتاج (5-هيدروكسي تريبتامين)⁽⁵⁾، ولا يمكن للسيروتونين عبور (الحاجز الدموي الدماغي-blood-brain barrier)؛ لذلك، فإن أي سيروتونين يُستَخدَم في الدماغ، يعتبر مُصَـنَّـعًا -في الأساس- في الدماغ⁽⁵⁾.

مواضع وكيفية استخدام الجسم للسيروتونين:

يستخدم الجسم السيروتونين بطرق مختلفة، منها:

في تحسين المِزَاج

يُعتقَد أن السيروتونين المسؤول عن تنظيم المِزَاج والشعور بالسعادة؛ حيث ترتبط المستويات المنخفضة منه بالاكتئاب، بينما تساعد المستويات العالية منه على تخفيف الضغط..

في حركات الأمعاء

عُـثِرَ على السيروتونين في المعدة والأمعاء، حيث يساعد في التحكم في حركات الأمعاء ووظيفتها.

في حالة الغثيان

يُنتَج السيروتونين عند الشعور بالغثيان، ويزداد إنتاجه للمساعدة في إزالة الطعام السيئ، أو المواد الأخرى من الجسم، كما أنه يزداد في الدم ليُحَفِّز جزء الدماغ المسؤول عن السيطرة على الغثيان.

في النوم

يُحفِّز السيروتونين أجزاء الدماغ المتحكمة في النوم والاستيقاظ، ويعتمد كونك مستيقظًا أو نائمًا على منطقة الدماغ المنشطة، ومستَقبِلَات السيروتونين المستخدَمة.

في تخَثُّر الدم

يُنتَج السيروتونين للمساعدة في الْتِـئَام الجروح؛ حيث يعمل السيروتونين على تضييق الشرايين الدقيقة؛ مما يساعد على تجلُّط الدم.

صحة العظام

تؤدِّي المستويات العالية جدُّا من السيروتونين إلى هشاشة العظام؛ مِمَّا يجعل العظام ضعيفةً، سهلةَ الكسر⁽²⁾.

علامات استقرار مستويات السيروتونين في الدماغ وتأثيره على الصحة العقلية:

يعمل السيروتونين على تنظيم واستقرار المِزَاج بصورة طبيعية، فعندما تكون مستويات السيروتونين طبيعية، يجب أن تشعر بالتركيز، والسعادة، والهدوء، والاستقرار العاطفي، والرضا⁽²⁾، وعدم الشعور بالصُّداع، والسيطرة على القلق، والنوم المنتظم والمُرِيح، والوقاية من (متلازمة ما قبل الحيض-Prevention of premenstrual syndrome⁾⁽⁴⁾.

المشاكل المرتبطة بالمستويات المرتفعة من السيروتونين:

يمكن أن تؤدي المستويات المرتفعة من السيروتونين إلى (متلازمة السيروتونين-Serotonin syndrome)، والتي تحدث عند تناول أدوية تسبب ارتفاع مستويات السيروتونين وتراكمه في الجسم.

وتتراوح الأعراض:

من طفيفة، والتي تتضمن: الصداع، والإسهال، وارتفاع ضغط الدم، وتَسَارُع ضربات القلب، والارتعاش، والتَّعرُّق الشديد، والأرَق، والارتباك الشديد، وتشنُّج العضلات.

إلى حادة، والتي تتضمن: حُمَّى شديدة، ونَوْبَات، وعدم انتظام ضربات القلب، وفقدان الوعي^(3).

يُمْكِن أن تَحْدُث متلازمة السيروتونين لأي شخص، ولكن يكون الشخص أكثر عرضة لخطر الإصابة إذا قام بزيادة جرعة الدواء المعروف برفعه لمستويات السيروتونين، أو تناول أكثر من دواء معروف بنفس النتيجة، أو تناول مكملات عُشبِيَّة، أو دواء غير مشروع معروف بزيادة مستويات السيروتونين⁽²⁾.

الأسباب التي تؤدي إلى نقص مستويات السيروتونين:

تتضمن: نقص وضعف التغذية، اختلالات الهرمونات، عدم التعرُّض لأشعة الشمس بصورة كافية، عدَم ممارسة الرِّياضة، الإجهاد، مشاكل في الجهاز الهضمي، الالتهابات، عدم استقرار السكر في الدم، الإفراط في استهلاك الكافيين، وشراهة التدخين، والإفراط في شرب الكحوليات⁽⁴⁾.

المشاكل المرتبطة بالمستويات المنخفضة من السيروتونين:

غالبًا ما ترتبط المستويات المنخفضة من السيروتونين بالعديد من الاضطرابات السلوكية والعاطفية، حيث أثبتت الدِّراسَات أن المستويات المنخفضة يمكن أن تؤدِّيَ إلى: الاكتئاب، والقلق، والوسواس القهري، والسلوك الانتحاري⁽²⁾.

كيفية زيادة مستويات السيروتونين؟

لِحُسنِ الحظ؛ هناك مجموعة متـنوِّعَة من الطُّرق لزيادة مستويات السيروتونين؛ فقد أثبـتـت الدراسات أن ممارسة رياضة مثل: ركوب الدراجات، أو الجري تزيد من مستوى السيروتونين؛ حيث يتمتع الرياضيون بمستويات مرتفعة من السيروتونين⁽¹⁾.

كما قد يؤدي تفكير معين إلى زيادة مستويات السيروتونين؛ على سبيل المثال: التفكير في التجارب التي تجعلك تشعر بالحُبِّ والأهمية؛ سيدفع دماغك إلى إنتاج السيروتونين، بغَضِّ النظر إذا كانت تلك التجارب متخيَّـلَة أو حدَثَت بالفِعل⁽¹⁾.

التَّعرُّض لأشعة الشمس لمدة (20-30 دقيقة) على الأقل كل صباح، أو بعد الظهيرة.

الانغماس في الاسترخاء والتأمل؛ مما يساعد على إنتاج السيروتونين.

تناوُل فيتامين (ب6–B6)، و(ب12–B12) و(ج–vitamin C)؛ حيث أظهرت الأدلة قدرة الفيتامينات على علاج الاكتئاب، وزيادة السعادة.

التقليل من استهلاك السكر؛ لأنه يقلل من مستوى السيروتونين في الجسم، مما يؤدي إلى المزاج السيئ⁽⁴⁾.

الدخول في دائرة زيادة السيروتونين:

يضع نشاط السيروتونين العالي صاحبه في مواقف، من شأنها: تعزيز احترام الذات وتقدير النفس؛ وتلك المواقف بدورها تؤدي إلى ارتفاع السيروتونين، وللدخول في هذه الدائرة يجب أن تـتحدَّى نفسك قدر الإمكان لإنجاز الأنشطة التي ستعزز إحساسك بالثقة، واحترام الذات، والانتماء.

فمثلًا: جرب التطوع، أو الانخِرَاط في قضية تؤمن بها، أو انضم إلى فريق رياضي⁽¹⁾.

يُمْكِن للأطعمة التالية أيضًا تعزيز السيروتونين، ومِن ضمنها:

بعض الفواكه، مثل: الأناناس، والموز، والكيوي.

المكسرات، بما فيها: الجوز، والفستق، واللوز.

كما تساعد الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم، مثل: الخضروات ذات الأوراق الداكنة، والفاصوليا، والموز على علاج الاكتئاب، وتحقيق السعادة.

والأطعمة الغنية بالبروتين، مثل: الدجاج، والكبد، واللحوم الحمراء.

والخضروات المُلوَّنة، مثل: الجزَر، والبامية، والسبانخ، واليقطين.

والأسماك -خاصة الأسماك الدهنية-، مثل: السلمون، وزيت السمك، والأطعمة الغنية ببروتين (أوميجا 3–Omega 3)، حيث تحتوي على مستويات عالية من السيروتونين.

كما تُعزِّزالشيوكولاتة الداكنة من مستويات السيروتونين، وكذلك الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات (النشويات)؛ لأنها تُحفِّز إفراز السيروتونين، ويزيد البيض من السيروتونين؛ لأنه غني بدهون (أوميجا3)، وبروتين (مصل اللبن-Whey Protein) الذي يُحَسِّن مستويات السكر في الدم، ويقوي مناعة الجسم، ويزيد من مستويات السيروتونين، كما يعمل زيت النُّخالة، وبذور الكتان، وزيت بذور الكتان على تحسين الحالة المزاجية، وتعزيز مستوى السيروتونين في الجسم⁽⁴⁾.

كيف يتم تشخيص نقص السيروتونين؟

من الصعب تشخيص نقص السيروتونين؛ لعدم وجود طريقة دقيقة لتعيين كمية السيروتونين في الدماغ، كما لا توجد معايـير تشخيصية محددة، وعلى الرغم من وجود اختبار لتعيـين مستويات السيروتونين في الدم، فإنه يُستخدم بشكل عام فقط للتحقُّق من وجود (أورام منتجة للسيروتونين-serotonin-producing tumors) خارج الدماغ^(6).

ويتراوح المستوي الطبيعي للسيروتونين في الدم من (101-283) نانوجرام في المليلتر، ومن الممكن أن يتغير المدَى بصورة طفيفة؛ اعتمادًا على القياسات والعَـيِّـنَات المُقاسَة⁽⁴⁾، ولا تعكس مستويات السيروتونين في الدم بالضرورة المستويات في الدماغ؛ فكما ذُكِر أنَّ السيروتونين يَعجز عن العبور مِن خلال الحاجز الدَّمَوِي الدماغي، وهو غشاء يُحِيط الدماغ، وهو شبه منفذ؛ أي يسمح بمرور بعض المواد بالنَّفَاذ، والبعض الآخر لا؛ وهذا يعني أن السيروتونين الموجود في الدماغ تم تصنيعه في (جذع الدماغ–brainstem)؛ مما يجعل مستويات السيروتونين في الدم والبول لا تعبر عن مستويات السيروتونين في الدماغ⁽⁶⁾.

مكافحة الاكتئاب:

تُستَخدََم (مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية -Selective serotonin reuptake inhibitors) في مكافحة الاكتئاب، وهي أدوية تساعد الجسم على استخدام السيروتونين بكفاءة أكبر؛ عن طريق تثبيط امتِصَاص السيروتونين من قِبَل (المستقبلات قبل المشبكية-presynaptic receptors) حتى يكون السيروتونين متاحًا أكثر للارتباط بـ(المستقبلات ما بعد المشبكية-postsynaptic receptors)؛ وينتج عن ذلك وجود المزيد من السيروتونين في (المشابك–synapses) بين نهايات (الخلايا العصبية–neurons)؛ مما يزيد من كمية السيروتونين المتاحة للاستخدام.

بمعنى أصح: لا تؤدي تلك الأدوية إلى إنتاج المزيد من السيروتونين، بل تساعد الجسم على استخدام ما لديه من سيروتونين بصورة أكثر فاعلية⁽⁶⁾.

المصادر:

1. Happiness hormones: the neurochemicals of happiness [Internet]. happiness.com. [cited 2020 Apr 27]. Available from: https://www.happiness.com/en/magazine/science-psychology/happiness-hormones/
2. Serotonin | Endocrine Society [Internet]. [cited 2020 Apr 27]. Available from: https://www.hormone.org/your-health-and-hormones/glands-and-hormones-a-to-z/hormones/serotonin
3. Serotonin syndrome – Symptoms and causes – Mayo Clinic [Internet]. [cited 2020 Apr 27]. Available from: https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/serotonin-syndrome/symptoms-causes/syc-20354758
4. Hospital TA. Serotonin the happy hormone [Internet]. The Arab Hospital Magazine. 2018 [cited 2020 Apr 27]. Available from: http://thearabhospital.com/features/serotonin-happy-hormone/
5. Serotonin: Facts, uses, SSRIs, and sources [Internet]. [cited 2020 Apr 27]. Available from: https://www.medicalnewstoday.com/articles/232248#what-is-serotonin?
6. Serotonin Deficiency: Symptoms, Causes, Tests & Treatments [Internet]. [cited 2020 Apr 27]. Available from: https://www.healthline.com/health/serotonin-deficiency#treatment