يبقى نفس السؤال الوحيد خلف كل تصرف يُعد جريمة: لماذا فعل المجرم ذلك؟ وما هي الأسباب الرئيسية للسلوك الإجرامي؟ إنه هذا السؤال الجوهري الذي يمثل أساس السلوك الإجرامي، وأيضًا واحد من أصعب القضايا التي يجب على علماء النفس حلها حتى الآن.
التعريف الشائع للجريمة هو عندما يُدان شخص قانونيا بجريمة ما لفعل خرق قانون تلك الدولة. بالرغم من ذلك، فالجريمة نفسها معنًى شامل؛ حيث أن ما يُعتبر جريمة في دولة ما قد لا يُعد كذلك في اُخرى. على سبيل المثال: تُعد الخيانة في عديد من الدول المسلمة -مثل أفعانستان- جريمة، وعلى الأرجح تُعاقب بالرجم حتى الموت. ومع ذلك فهذا ليس نفس الشيء في المجتمع الغربي، ولذلك يُنفذ علماء النفس دراسات لمعاينة مصداقية الأسلوب؛ ليروا إذا أُنشئت استعدادات للجريمة. لذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار أهمية الثقافة عند تعريف الجريمة.
يُعرف أي تصرف له نية إجرامية ويعاقب عليه القانون على أنه سلوك إجرامي. ترتبط العديد من البرامج التليفزيونية بالجريمة؛ فعلى ما يبدو أن حل الألغاز الجنائية أو تتبع قضايا المحكمة مسلٍ ومدهش للعامة. يحدث ذلك لأن الجريمة تشمل الكثير من جوانب الحياة (حيوية وثقافية وإدراكية)، لذلك هناك العديد من السيناريوهات في البرامج والتي تجذب انتباه الناس. يكافح علماء النفس ليجيبوا على مسألة أصول الجريمة، حيث هناك ثلاث مقاربات لهذا النوع من السلوك، ولكن لا يبدو أن أحدها يسود على الآخر. يدعي بعض الباحثين أن أولاء الثلاث عوامل (حيوية، واجتماعية-ثقافية، وإدراكية) مجتمعة تساهم بشكل متساوٍ في السلوك الإجرامي، فقد اعتاد الناس في الماضي تصديق أن فئة معينة من الناس يصبحون مجرمين؛ تشمل هذه الفئة عادةً الأقليات العرقية أو مجموعة من الأشخاص تشاركوا صفات جسدية معينة. ما زالت هذه الصورة النمطية مرتبطة بأشخاص متورطين بالجرائم متواجدة حتى الآن. نحن منجذبون كثيرًا لاتهام الشخص الذي يكون: طويلًا، ومتين البنية، ولديه ندوب، أو وشوم على جسده عن شخص يبدو مسالمًا. ربما لأنه مرتبط بحقيقة أن المستوى الحيوي للتحليل يطغى على البقية عندما يتعلق الأمر بتحديد المجرمين؟ ولو أن أيًا من عوامل البحث النفسي تطغى على الأخرى؛ ربما يمكننا توقع من سيصبح مجرمًا بالنظر فقط إلى بعض الصفات المعينة. هل يتمكن هذا النوع من البحث مساعدتنا في القانون الجنائي؟ حينما تُطرح كل هذه الأسئلة في عقول العديد من الناس، فإنه يستحق النظر في تحليل كل الثلاث مستويات ومناقشتهم لتقديم الجدال والنقاش الحالي بشأن السلوك الإجرامي.
ويمكن أن يختلف العمل الإجرامي من دولة لأخرى، فهناك تناقض بين هذه التصرفات بناءً على فترة معينة من الزمن والظروف. على سبيل المثال: في (1967) شُرعت المثلية الجنسية بين البالغين الأكبر من (21) عامًا في السر، وبالرغم من ذلك فإنه قبل ذلك كان يُعتبر فعلًا إجراميًّا ويُعاقب بالموت بالتفاوت بين الشنق في القرن الثاني عشر، إلى الأشغال الشاقة، والأحكام بالسجن خلال العصر الفكتوري. ومع ذلك؛ فإن تعريف العمل الإجرامي بهذا المقال هو ذلك الذي يتضمن السلوك العنيف والعدواني، والذي يترتب عليه أفعال قد تكون ضارة بالمجتمع. فضلًا عن ذلك؛ إذا ارتُكبت جريمة فإن نية المجرم لابد أن تكون واضحة لكي يصدر الحكم، سواء كان يستحق ذلك الشخص أن يُعاقب أم لا (إذا لم يملك نية تنفيذ العمل الإجرامي). قد يرتكب الشخص المريض عقليًا فعلًا غير قانوني، وعلى الأغلب يفلت من العقاب لأن الحكم يصدر بناءً على أنهم لم يكونوا متحكمين تمامًا في تصرفاتهم. ويجب تحليل مجموعة من المصادر والتقنيات لإيجاد السبب الجوهري وراء السلوك الإجرامي، فأحد النقاشات الرئيسية التي تُطرح هي: نقاش الطبع في مواجهة التطبع.
تلعب الطريقة التي نشأت عليها دورًا محوريًا في تطور السلوك الإجرامي (كمبال وزابراك، 1986) وذلك السلوك لا يُورث، ولكن هناك سمات تؤثر على كيفية استجابة الفرد لبيئتهم (سذرلاند-1939). يجب تحليل عدة بحوث أدّاها علماء النفس لكي يتم التفرقة بين السبب والمسبب. أنا أيضًا أعتقد أنه من المهم الأخذ بالاعتبار التفاعل المتبادل بين التأثيرات الحيوية والاجتماعية، والتي تنص على أن: قضية تحول المراهقين ليصبحوا نشأً جانحين سببها التأثير السلبي للعائلات المفككة، والتأثير السيء للمجتمع. تُعد العائلة وطبيعة العلاقات بين الأب والطفل تفسيرًا للجنوح. فتُطور النظريات، وتُختبر بالتجارب والدراسات من أجل ذلك، وتجمع البيانات لمساندة فرضية ما. تُفحص التفسيرات المحتملة خلف السلوك الإجرامي، والعوامل المرتبطة بالسلوك الإجرامي مثل: مناقشة الطبع في مواجهة التطبع. ومع ذلك؛ تُفحص التأثيرات الحيوية والاجتماعية طبقًا للسؤال المطروح، ويتضمن ذلك الحياة العائلية، والشخصية، والدراسات المزدوجة.
التأثيرات الجينية على السلوك الإجرامي
بالنظر إلى المنهج الجيني تجاه السلوك الإجرامي، فقد حلل العلماء في الماضي الأشجار العائلية للمجرمين، واستنتجوا أن هناك قابلية لأن يسري السلوك الإجرامي في العائلة. وقد أظهرت دراسات حديثة أن مرتكبي الجرائم يأتون من نفس العائلة؛ ولذلك حسم علماء النفس أن السلوك الإجرامي قد يكون موروثًا، وأنه ربما لو استطاعت الجينات تحديد ما إذا كان فردٌ ما مجرمًا؛ فهناك جين معين يزيد من فرص أن يصبح لدينا استعداد للسلوك الإجرامي.