سبايرولينا Spirulina هي طحالب مِجهرية تم استهلاكها لقرونٍ بسبب قيمتها الغذائية العالية والفوائد الصحية الناتجة عنها. اليوم، هناك شخصياتٌ مشهورة تقوم بالترويج لهذا النوع من الطحالب كـطعامٍ سري خارق، أومُعجزةٍ من مُعجزات البحر الطبيعة.
تتواجد الطحالب الخضراء المزرقة في المياه المالحة والمياه الاستوائية وشبه الاستوائية التي تحتوي على نسبة أملاح أعلى من البحار، وأيضًا تتواجد بعض الأنواع في البحيرات العذبة. تظهر الطحالب في الماء باللون الأخضر الغامق وهذا يرجع إلى طبيعة لونها. تُعتبر الطحالب مثال رائع للمكملات الغذائية الغنية بالبروتين.
تنمو السبايرولينا في لوالب مجهرية تكون في العادة ملتصقة بعضها ببعض، مما يجعلها سهلة الحصاد. بالإضافةِ للسماح باستعمالها كمكملاتٍ غذائية، فإن إدارة الأدوية والأغذية الأمريكية FDA تسمح للمُصنِّعين استعمالَ سبايرولينا كمادةٍ ملونة إضافية في العلكة والحلويات وباقي أشكال الأطعمة الأخرى.
تم تصنيف سبايرولينا في وقتٍ من الأوقات على أنها نوعٌ من النباتات لكونها غنيةً بالأصباغِ النباتية، بالإضافةِ لقدرتها على القيام بالبناء الضوئي حسب ما قدَّمت دراسةٌ نُشرِت في مجلة العلاجات القلبية الوعائية Cardiovascular Therapeutics.
أدَّى الفهم الجديد لخصائصها الجينية، والفيسليوجية، والكيميائية الحيوية لنقلها إلى مملكة البكتيريا تحت فصيلة Arthrospira في البداية، ثم إلى فصيلة Spirulina لاحقًا. هناك عدة أنواع من سبايرولينا، ولكن ثلاثة منها، هم: سبايرولينا بلانتيسس Spirulina platensis، سبايرولينا ماكسيما Spirulina maxima وسبايرولينا فيوزيفوريمس Spirulina fusiformis وهي التي تمت دراستها بشكلٍ مُكثفٍ بسبب قيمتها الغذائية العالية، بالإضافةِ لقيمتها العلاجية المُحتملة كما أشار فريقُ عملِ الدراسة.
ادعائات صحية عن السبايرولينا
يقوم الكثيرون بالترويج للسبايرولينا كعلاجٍ لعددٍ من المشاكل الاستقلابية والمشاكل المتعلقة بأمراض القلب مثل فقدان الوزن، والسكر، وارتفاع معدل الكوليسترول في الدم وفقًا للمعهد الوطني للصحة بأمريكا NIH. بالإضافة لذلك، يروج بعض الأشخاص لها كعلاجٍ إضافي لاضطراباتٍ عقلية وعاطفية مختلفة مثل القلق، والتوتر، والاكتئاب واضطراب نقصِ الانتباه مع فرط النشاط ADHD. يُعتقَد أن سبايرولينا تُساعد في علاجِ العديدِ من المشاكل الصحية المُتفرِّقة، ومنها الأعراض السابقة للحيض والتصلب الجانبي الضموري حسب دراساتٍ قدَّمَهَا المعهد الوطني للصحة بأمريكا NIH. ويمكن أن يساعد خليطٌ من الخارصين (الزنك) وسبايرولينا في تنقيةِ الجسم من الزرنيخ للأشخاص الذين يتناولون كمياتٍ كبيرة بشكلٍ غير عادي من الزرنيخ عن طريق مياه الشرب وفقًا للمعهد الوطني للصحة بأمريكا NIH.
فعالية سبايرولينا
يقول المعهد الوطني للصحة بأمريكا أنَّه لا توجد أدلة علمية كافية لتحديدِ ما إذا كنت سبايرولينا فعَّالة في علاجِ أيٍّ من المشاكل الصحية المختلفة. لكنها غنية بالمواد المُغذِّية، وبعض هذه المواد لا يُمكن العثورُ عليها في الفيتامينات العادية المُستعمَلة يوميًّا.
أشارت إدارة الأدوية والأغذية الأمريكية FDA أن سبايرولينا تحتوي على كمياتٍ كبيرة من الكالسيوم، والنياسين (فيتامين B3)، والبوتاسيوم، والماغنيسيوم، وباقي فيتامينات B بالإضافةِ إلى الحديد. وتحتوي أيضًا على الأحماض الأمينية الأساسية، وهي المُركَّبات الضرورية لبناء البروتينات.
في الواقع، يُشكِّل البروتين 60 إلى 70% من وزن السبايرولينا المُجفَّفة. ولكن يتوجب على الشخص أن يتناول هذه الطحالب طوال اليوم حتى يحصل على مُعدَّلاتٍ قريبةٍ من الجرعات اليومية المُوصى بها طبيًّا من هذه العناصر الغذائية كما أشارت هيذر هانجيري المتحدثة بإسم أكاديمية التغذية والأنظمة الغذائية Academy of Nutrition and Dietetics والمالكة لمحل لفحص الأغذية في بيتسبيرج بولاية بنسلفانيا.
وهذه ليست هي المشكلة الوحيدة مع المكملات الغذائية المصنوعة من الأغذية الخارقة، حيثُ أوضحت أن هناك عدة أطعمةِ تدخلُ بالفعل في تركيبها العديد من العناصر الغذائية، لكن لا نعرف مدى توافرها البيولوجي وبالتالي نحن لا نعرف حجم ما نحصل عليه من عناصر غذائية بالفعل.
التوافر البيولوجي Bioavailability هو مصطلحٌ يصف النسبة التي يستفيد بها الجسد من المواد الغذائية التي يقوم الشخص بتناولها. في بعض الحالات، عندما يتناول الشخص غذائين مختلفين سويًا فإن ذلك سيساعد الجسم على امتصاصِ العناصر الغذائية بشكلٍ أفضل مما لو قام الشخص بتناول كُلِّ غذاءٍ بمفرده. مازال العلماء يقومون بدراسة التوافر البيولوجي للعناصر الغذائية في كُلِّ غذاءٍ على حدة، بالإضافةِ إلى دراسة كيف تعمل هذه العناصر الغذائية على الوقاية من الأمراض.
الـ سبايرولينا كمضاد للأكسدة
مضادات الأكسدة Antioxidants هي موادٌ تُساعد على مقاومة تدمير الخلية والحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين DNA، وهذا التدميرهوالمُسبِّب لحدوثِ السرطان وأمراض القلب والأمراض المزمنة الأخرى. يقوم الجسد بتصنيع بعضِ مُضادات الأكسدة ويقوم بالحصول على بعضٍ آخر من الطعام. على الرغم من الفائدة المفترضة لتناول كميات إضافية من مضادات الأكسدة إلَّا أنَّ الأبحاث الكثيرة التي تم إجراؤها لم تُوضِّح أن تناول مضادات الأكسدة يُقلِّل من خطر الإصابة بالسرطان كما أشارَ المعهد الوطني للسرطان بأمريكا National Cancer Institute.
تناول المُكملات الغذائية المحتوية على مضادات أكسدة يُحتمَل ألَّا يقوم بمساعدة الأشخاص المصابين بأمراضٍ أخرى أيضًا مثل داء السكري Diabetes وفقًا لمُلخَّص دراسة تم نشرها سنة 2011 في مجلة المراجعات الحالية لداء السكري Current Diabetes Reviews.
على الرغم من أن مُضادات الأكسدة فشلت في منع الأمراض في الدراسات التي تم إجراؤها، إلَّا أنَّه من الممكن أن يكون غياب الفائدة في الدراسات السريرية ناتجًا عن أن هناك فارقًا بين تأثير مضادات الأكسدة التي تم دراستها عند تناولها على هيئة مواد كيميائية نقية وبين تأثيرها عند تناولها ضمن الأطعمة التي تحتوي على خلطات مختلفة من مضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن. وبما أن سبايرولينا يتم اعتبارها طعامًا، فيبقى السؤال مفتوحًا عمَّا إذا كانت تُستعمل كمكملاتٍ غذائية لها تأثيرات صحية مفيدة كمضادات للأكسدة.
إحدى الدراسات المبدئية التي أُجرِيَت على تأثيرِ هذه الطحالب كمضاداتٍ للأكسدة قامت باختبار تأثيرِ المُكمل الغذائي على 87 شخصًا في كيرالا بالهند. هؤلاء الأشخاص يقومون عادةً بمضغِ تَبغ البان paan tobacco، يتم تحضير البان من أوراق شجرة التنبول betel tree مع توابل متنوعة، ويتم عادةً مضغها بعد الوجبات وفي الاحتفالات مثل حفلات الزفاف وحفلات الاستقبال. ماضغو تبغ البان هم أكثر عرضةً من غيرهم للإصابة بنوعٍ من سرطانات الفم يُدعى الطلوان الفموي oral leukoplakia.
على مدار سنة، أظهر 45% من مستعملي التبغ الذين قاموا باستعمال المكملات الغذائية المصنوعة من سبايرولينا يوميًّا انحسارًا كاملًا للأورام. فقط 7% من مستعملي التبغ الذين تناولوا العلاج الوهمي يوميًّا أظهروا انحسارًا كاملًا لأورامهم في نفس الفترة كما أوضحت الورقة العلمية المنشورة سنة 1995 في مجلة الغذاء والسرطان Nutrition and Cancer.
قد تقوم مضادات الأكسدة بمساعدة الرياضيين في التعافي من الإجهاد التأكسدي oxidative stress الناتج عن التمرين والذي يُساهم في زيادة تعب العضلات. ويصدف أن سبايرولينا تحتوي على مركبات عديدة اُكتشِفَ أن لها خصائص مضادة للأكسدة، بما في ذلك المركبات الآتية المحتوية على الفينول، والفينوسيانينات phycocyanins، والتوكوفرولات tocopherols، والبيتا كاروتين beta-carotene حسب ما تقوله دراسة تم نشرها سنة 2010 في مجلة الطب والعلوم في الرياضة والتمرين Medicine & Science in Sports & Exercise.
قام الباحثون في هذه الدراسة بدراسة الفوائد المحتملة لسبايرولينا في التمرين على 9 من العدائيين الهواة لمدة 4 أسابيع، حيث وجدوا أنَّ العدائيين أظهروا براعةً أكثر في أدائهم في التمرين، وكانت لديهم أعلى مستويات من مضادات الأكسدة بعد تناولهم لهذه الطحالب مقارنةً بما حدث عندما لم يتناولوا أيَّ مُكملاتٍ غذائية أو عندما تناولوا البلاسيبو (الدواء الوهمي). وبرغم أن هذه النتائج المبدئية تبدو واعدةً، إلَّا أنَّها صغيرة جدًا ولا تكفي للوصول لاستنتاجٍ بخصوص تأثير السبايرولينا على التعب المُصاحب للتمرين كما يقول الباحثين الذين قاموا بعمل الدراسة.
دراسات عديدة قامت بالبحث في تأثير الطحالب على مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية في الدم أو التأثير الخافض للدهون، وقد وجدت أن السبايرولينا تبدو مفيدة. لكن، معظم التجارب التي تم إجراؤها على البشر لدراسة هذه التأثيرات كانت محدودة واشتملت على أقل من 100 شخص، والعديد منها لم يحتوى على مجموعة ضابطة مُكوَّنة من أشخاص يتناولون علاجًا وهميًا.
قامت دراسة أُجرِيَت عام 2008 باختبارِ تأثير السبايرولينا الخافض للدهون على 78 شخصًا بالغًا تترواح أعمارهم ما بين 60 و87 سنة. تناول المتطوعون 8 جرامات من المكملات الغذائية المصنوعة من السبايرولينا أو من العلاج الوهمي يوميَّا لمدة 16 أسبوعًا. في نهاية الدراسة، كان هناك انخفاضٌ ملحوظ في مستوى الكوليسترول في الدم عند الأشخاص الذين تم علاجهم بالسبايرولينا حسب ما يقول ملخص الدراسة الذي نُشِرَ في مجلة دوريات التغذية والأيضAnnals of Nutrition and Metabolism.
يعترف الأطباء الآن بأنَّ أمراض القلب ليست فقط اضطرابات يوجد فيها ارتفاعٌ في نسبة الكوليسترول والدهون الثلاثية في الدم، ولكنها أيضًا عبارة عن أمراض التهابية مُزمنة حسب ما ورد في المقالة العلمية التي راجعت تأثير السبايرولينا الخافض للدهون والتي تم نشرها في عدد يوليو سنة 2010 من مجلة العلاجلات القلبية الوعائية Cardiovascular Therapeutics. يمكن في هذه الحالة أن تساعد السبايرولينا في علاج أمراض القلب والوقاية منها بفضل خواصها المضادة للأكسدة، لكن ما تزال هناك حاجة للمزيد من الدراسات حول هذا الأمر.
الدراسات التي يتم إجراؤها حاليًا على سبايرولينا
الدراسات الطبية التي يتم إجراؤها حاليًا تقوم بدراسة تأثير السبايرولينا على العدوى الفيروسية، والأورام، والتئام الجروح، ونظام المناعة بشكلٍ عام وفقًا للمعهد الوطني للصحة بأمريكا NIH. الدراسات الأولية لم تُظهِر أيَّ تأثيرٍ للسبايرولينا في علاج تشنج الجفن blepharospasm والذي يحدث فيه ارتعاشات مزمنة لجفن العينين.
لا توجد أدلة كافية لتحديد ما إذا كانت المكملات الغذائية المصنوعة من السبايرولينا تستطيع المساعدة في الهضم أو في خسارة الوزن. ولا توجد أيضًا أدلة كافية لتحديد ما إذا كانت السبايرولينا تعالج مشاكل الذاكرة، القلق أو الاكتئاب حسب ما يذكره المعهد الوطني للصحة بأمريكا NIH. الدراسات لم تُثبت بعد أن السبايرولينا لها أي تأثير على مستويات النشاط والتعب المُزمن. الأبحاث لم تُظهر أيضًا ما إذا كان للسبايرولينا أيَّ تأثيرٍ مُهم في حالات اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط ADHD أو في متلازمة ما قبل الحيض premenstrual syndrome (PMS).
هل السبايرولينا آمنة كمُكمِّلاتٍ غِذائية؟
يعتبر الأطباء السبايرولينا بشكلٍ عام آمنةً خصوصًا على ضوءِ تاريخ استعمالها الطويل كغذاء. لكن السبايرولينا يمكن أن تتلوث بالمعادن السامة وبالبكتريا الضارة أو بالمايكروسيستينات Microcystins، المايكروسيستينات هي سموم يُمكن لبعض الطحالب أن تُنتجها، وذلك إذا ما نَمَت السبايرولينات في ظُروفٍ غير آمنة. السبايرولينا المُلوَّثَة يمكنها أن تتسبب في الإضرار بالكبد، والغثيان، والتقيؤ، والعطش، والضعف، وتسارع نبضات القلب، والصدمة أو حتى الموت. السبايرولينا الملوثة يمكن أن تكون خطرة جدًا على الأطفال على وجه الخصوص. ويُوصِي المعهد الوطني للصحة بالبحث عن مصدر السبايرولينا المُستعملة في صناعة المكمل الغذائي للتأكد من أنها قد نمت في ظُروفٍ آمنة وأنَّه قد تم اختبارها للتأكد من خلوها من السموم.
الأشخاص الذين يعانون من بعض أمراض المناعة الذاتية يجب عليهم أن يتجنبوا تناول المكملات الغذائية المصنوعة من السبايرولينا كما أشار المعهد الوطني للصحة، حيث إن سبايرولينا تقوم بتعزيز نشاط جهاز المناعة، فالمكملات الغذائية المصنوعة من السبايرولينا يمكنها أن تزيد من شدة أعراض التصلب المتعدد multiple sclerosis (MS)، والذئبة الحمراء systemic lupus erythematosus (SLE)، والتهاب المفاصل الروماتويدي rheumatoid arthritis وأمراض أخرى مرتبطة بزيادة نشاط جهاز المناعة. ولنفس السبب، تقوم السبايرولينا بإضعاف كفاءة الأدوية التي تقوم بتثبيط المناعة immunosuppressants والتي يتم وصفها لعلاج أمراض المناعة الذاتية ولمنع الجسد من رفض الأعضاء التي يتم زرعها.
السبايرولينا يمكنها أيضًا أن تؤثر على عمل الأدوية التي تُبطِئ من عملية تجلُّط الدم بما فيها موانع التجلط مثل الورفرين warfarin ومضادات الالتهاب اللاستيرويدية التي تُستعمل لتسكين الآلام nonsteroidal anti-inflammatory (NSAIDS) pain medications.
استعمالُ كلٍّ من السبايرولينا مع الأعشاب التي تبطئ تجلط الدم قد يزيد من خطر تعرض الشخص للنزيف. من هذه الأعشاب: القرنفل، والدانشين، والثوم، والزنجبيل، والجنكة، والجينسينج، والكركم.
يجب على النساء الحوامل أو المُرضعات أن يتجنبن السبايرولينا، حيث إنه لا توجد دراسات عن مدى آمان استخدام السبايرولينا من قِبَلِ هاتين المجموعتين. الأشخاص الذين يعانون من مرض بيلة فينيل كيتون الوراثي phenylketonuria يجب عليهم أيضًا تجنب السبايرولينا، لأنها قد تؤدي لزيادة سوء هذا المرض حسب ما يقول المعهد الوطني للصحة.
بما أنه لا توجد دراسات كافية عن نطاق الجرعات الآمن استعمالها من السبايرولينا، فمن الأفضل أن تتم استشارة الطبيب واتباع التعليمات الموجودة على علب المكملات الغذائية المصنوعة من السبايرولينا لتجنب تناول جرعات غير آمنة. ولا تزال الدراسات قائمةً حول خبايا هذا الطحلب.
إعداد/ترجمة: Omnia Selim
مراجعة علمية: أحمد فياض
مراجعة لغوية: Mohamed Sayed Elgohary
تحرير: ندى المليجي
تصميم:
المصادر: