كوكب عطارد

mercury

يسبحُ في الفضاءِ وحيدًا، بدون أقمار أو حلقات، الأصغر في المجموعة الشمسية والأقرب إلى الشمس، قد اُشتق الاسم بالعربية نسبة إلى «طارد» أو«عَطرَدَ» أي المُتَتَابِع في سيره، ويَرمز هذا إلى السرعة الكبيرة التي يَدور بها الكوكب حول الشمس، أما في الحضارة الرومانية سُميَّ بـ(Mercury) وتعني الرَسُول: حيث كانت الآلهة المسؤولة عن كوكب الأرض دائمًا ما ترسل الرسل لتفقُد أحوال الشعوب، فكانت سريعة جدًا في الحركة بأجنحتها الكثيرة، أما في مصر سُمي (تحوت –Thoth ) ، وهو إله المعرفة والكتابة.

في هذا المقال سنتعرف باختصار على كوكب عطارد من حيث خصائصه الفيزيائية، تركيبه الداخلي، ومحاولات استكشافه.

الخصائص الفيزيائية للكوكب:

كوكب عطارد هو الأقرب إلى الشمس؛ ونتيجة لذلك قد تصلُ درجةُ حرارةِ سطحِهِ إلى 450 درجةً سيلزية، ولكن عكس المتوقع لا يُعتَبر عطارد أكثر الكواكب سخونة؛ بسبب عدم وجود غلاف جوي لحبس وتخزين الحرارة، وهو في المرتبة الثانية بعد كوكب الزهرة من حيث درجة الحرارة العالية، حيث لا تسمح الشمس وجاذبيتها الكبيرة بوجود أو تكون غلاف جوي للكوكب، بسبب قوة الرياح الشمسية العظمى والتي تقضي على أي فرصة للكوكب للحفاظ على أي غلاف جوي، لذلك قد تصل الحرارة في الليل إلى -170 درجة سيليزية.

يعتبر عطارد كأكثر كوكب به فُوهات في النظام الشمسي، بسبب عدم وجود غلاف جوي ليمتص الاصطدامات، على عكس باقي الكواكب التي شُفيت ذاتيًا مع مرور الوقت؛ نتيجة لعدم وجود (الصفائح التكتونية – Plate tectonics) وهى المسؤولة عن الحركات الخاصة بالغلاف الصخري للأرض، الفُوهات هي نتيجة سلسلة عظيمة من الاصطدامات بين الكوكب والمذنبات والكويكبات، ومعظم الفُوهات العطاردية سُميت بأسماء فنانين وكُتاب مشهورين، وأي فوهة يَبلُغ قطرها أكبر من 250 كيلومتر تسمى (حوض – Basin)، ويعتبر (حوض كالوريس – Caloris basin) أكبر فُوهة تصادمية على عطارد ويبلغ قطرها حوالي 1550 كيلومتر وأكتُشِفَت عام 1974 من قِبَل المسبار (مارينر10).

يُصَنَف عطارد كثاني أعلى كوكب من حيث الكثافة بعد كوكب الأرض، حيثُ تتكون نواته من عنصر الحديد وهو في الحالة السائلة والتي يبلغ عرضها من 3600 إلى 3800 كم بما يعادل حوالي 85% من قطر الكوكب، وفي المقابل قشرة الكوكب رفيعة جدًا ويبلغ سُمكها حوالي (500 – 600 كم) حيثُ يعتقد العلماء أنه خلال بداية تكون الكوكب، افترضوا تكون الكوكب بشكلٍ سريع، وبالتالي زيادة درجة حرارته سريعًا نتيجة قربُه من الشمس؛ والتي بدروها عملت على تبخير معظم السطح الأصلي تاركةً هيكل رقيق للكوكب، ونتيجة لبرودة النواة الحديدية ثم انكماشها؛ أصبح سطح الكوكب يحتوي على تجاعيد أطلق عليها العلماء (المنحدرات الفصية – Lobate Scarps) والتي تصل ارتفاعاتها إلى آلاف الكيلومترات.

تلك النواة الحديدية تُنتج مجالًا مغناطيسيًا، تم اكتشافه بواسطة المسبار (Mariner 10) وتبلغ قوته حوالي 1% من قوة المجال المغناطيسي للأرض ويعتبر حقلًا نشطًا جدًا؛ فكثيرًا ما يتفاعل مع الرياح الشمسية مع البلازما الشمسية إلى سطح الكوكب، فالهيدروجين والهيليوم المحجوزان بواسطة الكوكب من الرياح الشمسية يمثلان جزءًا من الغلاف الجوي الرقيق لعطارد.

الرياح الشمسية هى الجزيئات المشحونة الصادرة من الشمس، وتؤثر على المجال المغناطيسي؛ فتكوّن زوابع مغناطيسية قوية توجه البلازما الساخنة من الرياح الشمسية سريعًا إلى سطح الكوكب، وبدلًا من امتلاك الكوكب غلافًا جويًا يمتلك عطارد طبقة رقيقة جدًا تسمى (إكسوسفير – Exosphere) وهى الطبقة الأخيرة للغلاف الجوي الخاص بكوكب الأرض، ويتكون الإكسوسفير من 42% أكسجين، 29% صوديوم، 22% هيدروجين، 6% هيليوم و0.5% بوتاسيوم، وبعض التركيزات الصغيرة من الآراجون، ثاني أكسيد الكربون، بخار الماء  والنيتروجين.

الخصائص المدارية للكوكب:

عطارد أصغر كواكب المجموعة الشمسة، أكبر من القمر الخاص بالأرض قليلًا وأصغر من أقمار كوكب زحل، تبلغ سرعة دورانه حول الشمس حوالي 180000 كم/ساعة مما يجعله أسرع كواكب المجموعة الشمسية، يستغرق حوالي 88 يوم أرضي لإتمام دورة كاملة حول الشمس، ويستغرق الكوكب حوالي 176 يوم أرضي ليتم دورته حول نفسه، أي أن السنة على عطارد تعادل نصف يومه، يُمثِل اليوم على عطارد حوالي 59 يوم على الأرض، ويمتلك مدارًا بيضاويًا أو إهليجيًا الشكل، بحيث يُصبح الكوكب على بعد 47 مليون كم من الشمس بينما المسافة بين المدار والشمس 70 مليون كم، وتمثل جاذبيته حوالي 38% من الجاذبية الأرضية وهذه جاذبية غير كافية للاحتفاظ بأي غلاف جوي والذي يتحلل بسبب الرياح الشمسية.

الرحلات الاستكشافية للكوكب:

نتيجة لقرب الكوكب من الشمس يزداد أمر استكشاف الكوكب صعوبة، ففي عامي 1974 و 1975 تم إرسال المسبار((Mariner 10، وكان الهدف من المهمة إجراء قياسات حول بيئة عطارد، غلافه الجوي، سطحه وخصائصهم, وإجراء نفس البحوث على الزهرة، حيثُ أُرسِلَت صور لأكثر من 45% من سطح عطارد، واُكتشفت المجال المغناطيسي للكوكب.

ثم المسبار (Messenger) الذي وصل عام 2011، والذي يُعتبر أول مسبار يصل لمدار عطارد، وقد اُكتُشِفَ عام 2012 وجود ثلوج مائية في بعض الفوهات الموجودة في القطب الشمالي للكوكب، حيث تتميز تلك المناطق بغياب حرارة الشمس عنها، أما القطب الجنوبي فيمكن أن يحتوي على جيوب ثلجية، لكن مدار المسبار لم يسمح للعلماء باستكشاف تلك المنطقة بعد، ومن المُرَجح أن سبب ظهور الثلوج هو المذنبات التي دائمًا ما تصطدم بالكوكب، أو بسبب تبخر المياه التي كانت بداخل الكوكب ثم تَجمُدها عند القطبين.

 

إعداد: أمير علاء عياد

مراجعة لغوية: Mahmoud ELdaoshy

تحرير ومراجعة علمية: Abkareno

المصادر:

http://sc.egyres.com/Zq1W9

http://sc.egyres.com/CI7Lb

http://sc.egyres.com/imOL7

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي