في أغسطس الماضي، سجلت كاشفات مختلفة في قارتين إشارات لموجات الجاذبية ناتجة من اندماج زوج من الثقوب السوداء. ويعد هذا الاكتشاف، والذي أعلن عنه بالأمس، هو أول رصد لموجات الجاذبية بواسطة ثلاث كواشف مختلفة، مما يشكل حقبة جديدة لرؤى أكبر ولتطوير متابعة الأحداث الكونية بواسطة شبكة عالمية من مراصد موجات الجاذبية.
وقد رصد الاندماج في الرابع عشر من أغسطس الماض بواسطة كاشفي الـ(Laser Interferometer Gravitational Wave Observatory-LIGO)، أحدهما هانفورد بواشنطن والآخر ليفينغستون في ولاية لويزيانا. أما الكاشف الثالث فكان في القارة الأوروبية وهو مرصد فيرجو (Virgo)، ويقع بجوار مدينة بيزا الإيطالية.
يعد اكتشاف مرصد الليجو (LIGO Scientific Collaboration-LSC) ومرصد فيرجو (Virgo collaboration) هو أول إشارة مؤكدة لموجات الجاذبية سجلها كاشف فيرجو. وقد تم اعتماد الورقة البحثة الخاصة بهذا الحدث في الـ(Physical Review Letters).
وقد قالت فرانسوا أيه كوردوفا، عالمة الفيزياء الفلكية ومديرة مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية:
“في أقل من عام ونصف، أعلت مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية (NSF) بأن مرصدها الليجو قام بأول اكتشاف لموجات الجاذبية، والتي نتجت من اندماج زوج من الثقوب السوداء على بعد مليار سنة ضوئية”. كما أضافت أيضًا: “واليوم نحن سعداء للاعلان عن أول اكتشاف بشراكة مرصد الليجو ومرصد فيرجو، وهي المرة الأولى لرصد موجات الجاذبة بواسطة كواشف تبعد آلاف الأميال عن بعضها. ويعد هذا الحدث بارزًا لتنمية جهود المجتمع العلمي لاكتشاف أسرار كوننا.”
إن موجات الجاذبية المكتشفة حديثًا قد انبعثت في اللحظات الأخيرة من اندماج زوج من الثقوب السوداء، الأول تبلغ كتلته حوالي 31 مرة من كتلة الشمس، والآخر حوالي 25 مرة من كتلة الشمس. إن هذا الحدث والذي يبعد 1.8 مليار سنة ضوئية قد أنتج ثقبًا أسود دوّار (spinning black hole) ذو كتلة تبلغ 53 مرة من كتلة الشمس، وهذا يعني أن هناك ثلاث كتل شمسية قد تحولت إلى طاقة على شكل موجات جاذبية أثناء الإندماج.
وقال المتحدث باسم منظمة (LIGO Scientific Collaboration-LSC) ديفيد شوماكر من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا:
“هذه ليست سوى بداية الملاحظات بواسطة شبكة فعّالة بين مرصد الليجو ومرصد فيرجو للعمل معًا”. كما أضاف أيضًا: “ومع التخطيط المقبل للرصد في خريف 2018، يمكننا توقع المزيد من هذه الإكتشافات أسبوعيًا أو أكثر”.
وقد انتقلت الليجو إلى الجيل الثاني من كاشفات موجات الجاذبية والمعروف بـ (Advanced LIGO)، وذلك عن طريق إضافة اثنين من مقاييس التداخل المتطابقة (identical interferometer). ومع بداية التشغيل ف سبتمبر 2015، أجرى مرصد الليجو المطوّر (Advanced LIGO) عمليّتيّ رصد. وقد بدأت عملية الرصد الثانية O2 في الثلاثين من نوفمبر 2016، لتنتهي في الخامس والعشرن من أغسطس 2017.
وكاشف فيرجو أيضًا هو كاشف من الجيل الثاني للكواشف، حيث انضم إلى عملية الرصد O2 في الأول من أغسطس 2017. وقد تم تجميع البيانات من الكواشف الثلاثة (اثنان في الليجو وواحد في فيرجو) في تاريخ الإكتشاف الرابع عشر من أغسطس 2017.
وقال المتحدث باسم منظمة (Virgo collaboration):
“إنه من الرائع مشاهدة أول إشارة لموجات الجاذبية في مشروعنا الجديد (Advanced Virgo detector) بعد أسبوعين فقط من بدأ أخذ البيانات”. كما أضاف أيضًا: “إنها لمكافأةٌ كبيرة بعد عمل كبير منجز في مشروع فيرجو المطوّر (Advanced Virgo)، وذلك بعد تطوير المعدّات على مدى ست سنوات الماضية”.
عندما تم اكتشاف هذا الحدث بواسطة شبكة من ثلاث كواشف، كان من المرجح أن منطقة من السماء تحتوي مصدرًا يتقلص بشكل ملحوظ، ليحسن من ضبظ المسافات. إن منطقة اكتشاف (GW170814) تبلغ مساحتها 60 درجة مربعة، أي أصغر بأكثر من عشر مرات عن تلك المساحة التي يستخدمها كاشفي الليجو وحدهما.
وقالت المتحدثة باسم منظمة (LIGO Scientific Collaboration) لورا كادوناتي:
“من الممكن أن تكون القدرة على تحديد منطقة بحث صغيرة أمرًا مهمًا، لأن العديد من الأجسام الزوجية المضغوطة، بما في ذلك النجوم النيوترونية، من المتوقع أن تنتج نطاق عريض من الانبعاثات الكهرومغناطيسية بالإضافة إلى موجات الجاذبية”.
ويقول ديفيد ريتز، المدير التنفيذي لمختبر الليجو:
“مع هذا الاكتشاف المشترك الأول من نوعه لكاشفات الليجو وفيرجو المطوّرة، فقد اتخذنا خطوةً أخرى نحو موجات الجاذبية، وأن مرصد فيرجو لديه مقدرة كبيرة على كشف وتحديد أماكن مصادر موجات الجاذبية بشكل أفضل، مما يؤدي بلا شك إلى نتائج مثيرة وغير متوقعة في المستقبل”.
يظهر هذا الفيديو محاكاة لاندماج زوج الثقوب السوداء، والذي نتج عنه موجات الجاذبية الأخيرة (GW170814). وكما تظهر أيضًا في الشكل التالي البيانات المأخوذة من كاشفي الليجو هانفورد وليفينغستون.
ترجمة: Mohammed Abkareno
المصادر: