يُعَدّ الأدب في الحضارة المصرية القديمة من أهم مكوناتها، كما أنه أحد الأشياء التي جعلت من تلك الحضارة أحد أعظم الحضارات في التاريخ؛ فقد كان بمثابة مرآة تنعكس عليها حياة الشعب المصري في ذلك الوقت وثقافاتهم ومعتقداتهم. وفيما يلي نستعرض بعض النماذج الأدبية في هذا العصر والتي عليك التعرف إليها سواء كنتَ مهتمًا بالأدب أم لا.
أسطورة إيزيس وأوزوريس (بالإنجليزيّة: The Legend of Isis and Osiris)
تُعد تلك الأسطورة واحدة من أشهر الأساطير في الحضارة المصرية القديمة، وهي تتحدث عن مقتل الإله أوزوريس على يد أخيه ست، والمعروف كذلك باسم سيث ، حتى يستولي على العرش، ولكن تقوم الإلهة إيزيس بتجميع رفات زوجها أوزوريس) وتعيده في هيئة جسدٍ كامل، والذي على كان على ما يبدو إحياء لجسد زوجها بصورة مؤقتة، ثم تتزوج منه وتنجب منه ابنها حورس ، وتركز باقي الأسطورة على قصة هذا الابن وكيف عاد للانتقام من عمه واستولى على عرش أبيه مرة أخرى. تُعد تلك القصة واحدة من أهم القصص في الأدب المصري القديم؛ وهذا بسبب رمزية القصة الدينية. وكما قال عالم المصريات الويلزي ج. جوين غريفيث (J. Gwyn Griffiths):
«إن تلك القصة تتحدث عن هذا الشعور القوي للولاء والإخلاص للعائلة».
وما يدل على أن تلك القصة كانت هامة وملهمة للغاية للشعب المصري في هذا العصر وجود أجزاء منها في نصوص مصرية قديمة كالقصص القصيرة والتعاويذ والنصوص الجنائزية.
قصة البحار التائه (بالإنجليزيّة: The Tale of the Shipwrecked Sailor)
تنتمي تلك القصة لعصر المملكة المصرية الوسطى، وقد اكشتف ورقة البردى الوحيدة التي تحتوي على تلك القصة عالم المصريات الروسي فلاديمير غولينشيف (Vladimir Golénishcheff) عام (1881)، وهي محفوظة في العاصمة الروسية موسكو، لكن المكان الأصلي الذي وُجدت فيه تلك البردية لا يزال مجهولًا بالنسبة لنا. وتحكي القصة عن موظف لدى الملك عاد لتوه من مهمة كان قد كلفه الملك بها، ولكنها لم تتم كما كان متوقعًا لها، ثم يبدأ خادمه بقص قصةٍ عليه حدثت له عندما تاه على جزيرة بعدما تحطمت سفينته وقابل ثعبانًا على تلك الجزيرة، وتنتهي القصة بحكمة عندما يقول هذا الموظف لخادمه:
«لا تُكمل يا صديقي العزيز، فهل يعطي المرء الماء لإوزة في المساء وهو يعلم أنه سوف يذبحها في الصباح؟!».
ترنيمة آتون العظمى (بالإنجليزيّة: Great Hymn to the Aten)
كُتبت في مصر القديمة أناشيد وقصائد مطوَّلة في الإله آتون والتي نُسبت للملك أخناتون ؛ فقد غير هذا الملك الأشكال التقليدية للديانات المصرية، فقد كان يعبد الشعب العديد من الآلهة، ولكنه استبدل كل تلك الديانات بديانة واحدة فقط وهي (الآتونية) نسبة للإله آتون، وتعكس تلك القصة الذكاء والمهارة الفنية الكبيرة التي كان يتمتع بها هذا العصر. فقال عالم المصريات الإنجليزي توبي ويلكينسون (Toby Wilkinson):
«تُعد تلك القصة هي أهم وأعظم الأعمال الشعرية التي ظهرت قبل ظهور أعمال الشاعر الإغريقي الأسطوري (هوميروس)».
حُوّلت تلك القصة كذلك إلى عمل موسيقي على يد الملحن الأمريكي فيليب غلاس (Philip Glass) في المسرحية الموسيقية التي قام بتأليفها والتي حملت عنوان (أخناتون).
أمثال بتاح حتب (بالإنجليزيّة: The Maxims of Ptahhotep)
يُعد هذا العمل، والذي يحمل كذلك عنوان إرشادات بتاح حتب (بالإنجليزيّة: Instructions of Ptahhotep)، عبارة عن مجموعة من النصائح التعليمية والتي تخص العديد من الموضوعات كالعدالة والتواضع والتسامح والكثير من الفضائل الاجتماعية. ولا يزال هذا العمل محفوظًا حتى يومنا هذا على العديد من أوراق البردى، بما في ذلك مخطوطتان محفوظتان في المتحف البريطاني، وكذلك بردية بريسي (بالإنجليزيّة: Prisse Papyrus) والتي تعود لـ (عصر المملكة المصرية الوسطى)، وهي محفوظة في المكتبة الوطنية الفرنسية في باريس.
بردية وستكار (بالإنجليزيّة: The Westcar Papyrus)
تحتوي تلك البردية على خمسة قصص رواها ابن الملك خوفو (بالإنجليزيّة: Khufu) في بلاط والده الملكي، وتحكي تلك القصص الخمسة عن الكهَّان والسحرة ومعجزاتهم، وتحمل تلك البردية كذلك اسم (الملك خوفو والسحرة). وتُحفظ تلك البردية اليوم في المتحف المصري ببرلين، وهي معروضة هناك ولكن تحت الضوء الخافت.
ترجمة: أحمد فهمي
مراجعة علميّة: آلاء محمد مرزوق
مراجعة لغويّة: حمزة مطالقة
تحرير: نسمة محمود