يستمر بلوتو، رغم تعريفه ككوكب قزم، في تسليطِ الضوءِ وإثارةِ الجدلِ حول ماهيةِ الكوكبِ وتعريفه، وأي منها يُعد كوكبًا وأي منها لا! لكن هناك جدلًا أكثر حول تعريف الكوكبِ للأجرام الضخمةِ التي تقبع خارج نظامنا الشمسي، والخلاف ليس مقتصرًا فقط على دلالات الألفاظِ لكنه يَكمُن حول أنْ تلك الأجرام ضخمةٌ في حجم كوكب المشتري.
وقد قرر (كيفن شوالفمن – Kevin Schlaufman) عالمُ الفيزياءِ الفلكيةِ التابع لجامعةِ (جونز هوبكينز – Johns Hopkins) وضع حدًا لهذا النزاع. ففي ورقته البحثية التي قد نُشرت للتو في مجلةِ الفيزياءِ الفلكية، قام شوالفمن بتعيين الحد الأعلى لكتلة الكوكب ما بين أربعة إلى عشرة أضعاف كتلة كوكبِ المشتري.
شوالفمن -والذي يُعد أستاذًا مساعدًا في قسمِ الفيزياءِ وعلمِ الفلكِ بالجامعة- صرّح بأنه في الإمكان أنْ يتم وضعُ حد -في هذه الأوقات تحديدًا- نتيجةً للتحسينات في التكنولوجيا والتقنيات التي تمّت في المراقبة الفلكية.
ولقد مكنتنا هذه التطورات من اكتشاف الكثير حولَ الكواكبِ التي تقبُع خارج نطاق نظامنا الشمسي؛ ونتيجةً لذلك تُتيح لنا أن نَرى أنماطًا قويةً تُؤدي إلى اكتشافاتٍ جديدة. وأضاف كيفن:
«بينما نعتقد أننا نعرف كيف تتشكل الكواكب بتلك الصورة الكبيرة؛ إلّا أنّه لايزال هناك الكثير من التفاصيل التي نحن بحاجة لمعرفتها. وأضاف أيضًا: أنّ وضع الحد الأعلى لكتلة الكواكب من التفاصيل التي كانت مفقودة.»
وتستند الاستنتاجات التي نُشرت في ورقته حول ملاحظات عن 146 نظامٍ شمسي، هي في الحقيقةِ مُقاسةً بطريقةٍ مُوحدة على جميعِ تلك الأنظمة، فهذه البيانات ثابتةٌ من نظامٍ لآخر؛ لذا فهي جديرة بالثقة.
واستقر الأمر بتعريف للكوكب يُميزه عن غيره من الأجرام السماوية، وقد تم الأمر بطريقة مثل تضييق قائمة المجرمين المشتبه بهم في قضيةٍ ما.
فالأمر أشبه بكونك تَبحث عن شخصٍ ما أطول من (5-8) أقدام، والمشتبه بهم هما شخصين أحدهما (5-8) أقدام وآخرٍ (5-10) أقدامٍ!
في مثل تلك الحالة، يُريد المحققون التمييز بين مشتبهين: أحدهما هو كوكب ضخم والآخر جرم سماوي يُدعى القزم البنّي. الأقزام البنّية هي أجرامٌ أضخم من الكواكب، ولكنّها أصغر من أصغر النجوم والتي يُعتقد أنها قد تكونت كما تكوّنت النجوم. وأضاف كيفن:
«كيفية التمييز بين الأقزام البنية صغيرة الكتلة من تلك الكواكبِ الضخمة كانت تُشكل معضلةً للعلماء لعقود من الزمن؟ فالكتلة وحدُها ليست كافيةً للحزم بين المصطلحين؛ فكان لابد من وجود خصائص أُخرى تُفيد في هذا.»
وفي جدال شوالفمن الجديد قام بتوضيح تلك الخاصية الجديدة التي اعتمد عليها وهي التركيب الكيميائي لنجمِ نظامنا الشمسيّ الوحيد وهي الشمس. وأضاف أنه الآن استنادًا لهذه الخاصية -بجانب الكتلة- يُمكننا معرفة المشتبه به بمساعدة المرافقين له أيضًا.
فالكواكب العملاقة مثل المشتري غالبًا ما تدور حول النجم، والذي يحتوي على عنصر الحديد أكثر من الشمس، وبالتالي الأقزام البنية ليست تفاضلية في تلك النقطة هنا، وبهذا تَمحور جدالُ كيفن حول فكرة ماهية تركيب الكوكب.
وتتكون الكواكب العملاقة مثل كوكب المشتري من الأسفل للأعلى بادئةً التكوين من تنشئة نواةٍ صخرية، والتي تكتسب في وقت لاحق غلاف غازي ضخم. ومن المنطقي أنْ تتواجد بالقرب من النجوم المُثقلةِ بالعناصر التي تُكون الصخور، ومثل تلك العناصر تُعد المواد الأولية لتكوين الكوكب.
وهذا لا يحدث في حالة الأقزام البنية، ففي حالة النجوم والأقزام البنية تتكون من أعلى إلى أسفل -عكس اتجاه تكوين الكواكب- كسحبٍ من انهيار الغاز تحت تأثير أوزانها.
اعتمدت فكرة شوالفمن على العثور على تلك الكتلة التي عندها لا تهتم الأجسام بتكوين النجم الذي تدور حوله، ووجد أنّ الأجسام التي تكبُر المشتري بعشر مرات لا تُفضل النجوم ذات العناصر الكثيرة التي تُكون الصخور؛ وبالتالي بعيدة الاحتمال أن تُشكل مثل الكواكب.
لذا مادامت البيانات الجديدة استطاعت أنْ تُشكل فارقًا، فقد اُقترح أن يتم اعتبارالأجرام التي تتعدى كتلتها عشر مراتٍ كتلة المشتري أقزامًا بنيةً، وليست كواكبًا.
ترجمة: أريج أيمن
مراجعة: محمد المصري
تدقيق لغوي: محمود الدعوشي
المصدر: