التوعية الجنسية للأطفال: حدودها ومفهومها والعمر الذي يجب أن تبدأ التوعية فيه

sex-education-nevada

|

التوعية الجنسية هي مصطلحٌ واسِع يشمل كُلَّ المعلوماتِ المُتعلِّقة بجميعِ الجوانب الجنسية للفرد، وذلك يشمل:

  • التطور البشري (بما في ذلك التشريح الجنسي، سن البلوغ، التكاثر: والذي يشمل التخصيب وتطور الحمل والجنين حتى يصل لمرحلة الولادة، التوجه الجنسي، الميول الجنسية، الهوية الجنسية).
  • الصحة الجنسية والإنجابية (بما في ذلك الجنس الآمن، الأمراض المنقولة جنسيًّا وكيفية تجنبها، طرق منع الحمل).
  • العلاقات والمسؤوليات العاطفية (بما في ذلك الأسرة، الصداقات، العلاقات العاطفية، المواعدة، مسؤوليات وحقوق الإنجاب).
  • المهارات الشخصية (بما في ذلك التواصل، والتفاوض، وصُنع القرار).
  • السلوك والنشاط الجنسي (بما في ذلك الامتناع عن ممارسة الجنس والحياة الجنسية في مختلف مراحل الحياة).
  • المجتمع والثقافة (بما في ذلك أدوار الجنسين والتنوع والحياة الجنسية في وسائل الإعلام).

وعلى ذلك فإن التوعية الجنسية ليست مُجرَّد شرحٍ لعمليةِ التكاثر وتعليم الأطفال التصوُّرَ الصحيح لعملية الإنجاب، ولكنها أشمل من ذلك بكثير، فهي تهدف إلى المساعدة في اكتساب المعلومات والمهارات والدوافع لاتخاذ قراراتٍ سليمة بشأن الجنس والحياة الجنسية وتشكيل المواقف والقيم والمعتقدات حول تلك الأمور حتى يصل الفرد للفهم الأساسي لجميع الجوانب الجنسية في الوقت الذي يصل فيه للنضج الكامل.

 

لماذا يجب على الآباء التحدث مع أطفالهم حول الجنس؟

يُعدُّ الفضول تجاه الأمور الجنسية خطوةٌ طبيعية من خطوات تعلُّم الأطفال المزيد عن أجسادهم، فالتوعية الجنسية تُساعد الأطفال على فهم طبيعة الجسد وتساعدهم على الشعور بالإيجابية تجاه أنفسهم.

أما فيما يخص مناقشة الجنس، فهي خطوةٌ مهمة من خطوات خلق تواصُلٍ مفتوحٍ بشكلٍ دائم مع طفلك. فالتواصل المُبكِّر والصادق والمفتوح بين الوالدين والأطفال مهمٌ جدًا، خاصةً عندما يُصبح طفلك مراهقًا. إذا كان التواصل أمرًا طبيعيًّا ومعتادًا عليه، فإن الأطفال يكونون على استعدادٍ أكبر للتحدث مع آبائهم حول جميع المشاكل الأخرى للمراهقة، مثل الاكتئاب، والعلاقات، وتعاطي المخدرات والكحول، فضلًا عن القضايا الجنسية.

يجب أن تعلم أن التوعية الجنسية الفعلية لا تؤدِّي إلى ممارسة الجنس، فالأطفال الذين يتلقون تعليمًا جنسيًّا في المنزل يقل احتمال مشاركتهم في النشاطات الجنسية المحفوفة بالمخاطر. «فالتوعية الجنسية أفضل بكثير من عدمها».

بدء الحديث عن الجنس في وقتٍ مُبكِّر، ومواصلة ذلك الحديث مع نمو الطفل هو أفضل طُرُق التوعية الجنسية. فإنه يتيح للآباء تجنُّب محادثة واحدة كبيرة، ومن المحتمل أن تكون غير مريحة عندما يصل الطفل إلى المراهقة (وسيكون قد حصل بالفعل على المعلومات الصحيحة أو الخاطئة والمُضلِّلة من أصدقائهم). تكون هذه المحادثات أسهلَ عندما تنشأ من خلالِ تجربة حياتية، مثل رؤية امرأة حامل أو طفل.

عندما يتحدث الآباء مع أطفالهم عن الجنس، يمكنهم التأكد من حصولهم على المعلومات الصحيحة. لذلك يجب أن يكون الوالدان هما المصدر الأول للطفل للمعلومات حول الجنس. فَهْم المعلومات الصحيحة يُمكن أن يحمي الأطفال من السلوك المحفوف بالمخاطر أثناء النمو.

وفي نفس السياق، فإن الأطفال يبدؤون التعرض للمعلومات عن الجنس في وقتٍ أبكرَ بكثيرٍ مما يتخيله العديد من الآباء. عدم التحدث مع الأطفال عن الجنس يعني أن الآباء لن يكون لديهم سيطرةٌ على ماهية وكيفية تعرفهم على الجنس وتعلمهم بشأنه. فإذا كان الوالدان لا يُعلِّمون أطفالهم عن الجنس، فإنهم سوف يتعلمونه من مكانٍ آخر. على سبيل المثال، المعلومات التي يتعلمها الطفل من أصدقائه في فناء المدرسة ستكون ناقصةً وغير صحيحة. كما يمكن أن تكون مُشينة في واقع الأمر، أو تُشكِّل خُطورةً عليه.

بالإضافة إلى ما سبق، تُتيح التوعية الجنسية فرصةً جيِّدة لترسيخِ القيم العائلية والمجتمعية الخاصة بك في أطفالك. على سبيلِ المثال، يُمكن أن يكون ضرورة تأجيل ممارسة الجنس لما بعد الزواج وأسباب ذلك جزءًا من المناقشات حول الأمور الجنسية. إذا كان هذا الموضوع لم يُطرح أمامه أبدًا من قبل، فهنالك خطرٌ كبير من أن طفلك، الذي أصبح الآن مراهقًا، لن يكون واعيًا لتلك الرسالة ولن يتقبلها.

وعلى جانبٍ آخر، يجب على الوالدين عدم الاعتماد على النظامِ المدرسي لتقديم التوعية الجنسية، لأن ذلك ليس متاحًا في بلداننا العربية. إذا كان طفلك يدرس التربية الجنسية في المدرسة، استعرض ذلك معه وقم بمراجعة ما يدرسه واسأله عما تعلّمه.

من ناحيةٍ أخرى، فإن الأطفال يقضون أكثرَ من سبعِ ساعاتٍ يوميًّا ملتصقين بالتلفاز أو عبر الإنترنت، حيث يتم إغراقهم برسائلَ مختلطة وغير واقعية ومربكة حول الجنس والحياة الجنسية ووسائل منع الحمل. وعلاوةً على ذلك، غالبًا ما تكون مخاطر النشاط الجنسي تفوق ما يعتقده المراهقون. لذلك فإن الآباء والأمهات وأطباء الأطفال والمعلمين بحاجة إلى تكثيفِ الجهود لوقف هذه الاتجاهات. يُمكن للوالدين فعل ذلك عن طريقِ الحدِّ من وقت التلفاز إلى أقل من ساعتين في اليوم، وعدم السماح بالتلفاز أو الإنترنت في غُرَف نوم الأطفال. لذلك، أطفئ التلفاز وابدأ الحديث مع أطفالك!

ما الذي يجب أن يتعلمه الأطفال ومتى؟

وجودُ تواصلٍ مفتوحٍ مع الأطفال حول الجنس والأمور الأخرى شيءٌ صحيٌّ وأكثر أمانًا على المدى الطويل. هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون سهلًا أو بدون لحظاتٍ حرِجة. عند التحدث إلى أطفالك عن الجنس، تأكد من أن المحادثة مُناسبة لعمرهم. بمعنى:

  • اشرح الأشياء بطريقةٍ يُمكن أن يفهمها طفلك، وفقًا لعمره.
  • لا تعتقد أنه يجب عليك أن تقوم بتغطية جميع النقاط دفعةً واحدة. فمثلًا الأطفال الأصغر سنًا مهتمون بالحمل والولادة والرُضَّع، بدلًا من الجنس وآلية ممارسته.

يجب أن تعلم أن كل طفل مُختلفٌ عن الآخر، ولكن ما سنتحدث عنه هنا هو دليلٌ تقريبي لما يجب أن يكون الأطفال قادرين على فهمه حول الجنس والتكاثر في مختلف الأعمار. غالبًا ما يبدأ التثقيف الجنسي بفضول الطفل عن جسده.

  • من الولادة حتى سنتين:

يجب أن يكون الأطفال الصغار في هذا العمر قادرين على تسمية جميع أجزاء الجسم بما في ذلك الأعضاء التناسلية. يعرف معظم البالغين من العمر سنتين الفرقَ بين الذكورِ والإناث، ويمكنهم عادةً معرفة ما إذا كان الشخص ذكرًا أم أنثى.

  • من سنتين إلى خمس سنوات:

قد يرغب الأطفال في هذه المرحلة معرفةَ أين يأتي الأطفال. لا تتجاهل السؤال. قدِّم له إجاباتٍ قصيرة وبسيطة، واحرص على استخدامِ لغةٍ يفهمها الطفل. يجب أن يفهم الأطفال أساسيات التكاثر: الرجل والمرأة ينجبان الطفل معًا، وينمو الطفل في رحم المرأة. كما يجب أن يفهموا أن أجسامهم خاصة بهم فقط. يجب أن تقوم بتعليمهم قضايا خصوصية الجسد، وعليهم أن يعرفوا الحدود المسموحة للآخرين والطرق التي يستطيعون ملامستهم بها.

  • من خمس إلى ثماني سنوات:

استمِر في الإجابة عن أسئلة أطفالك حول أجسادهم. يجب أن يكون لدى الأطفال فهمٌ أساسي بأن بعض الناس يميلون للجنس الآخر وبعضهم يميلون لنفس الجنس «مثليين» أو يميلون للجنسين معًا «ثنائيو الجنس». كما ينبغي أن يعرفوا دور الجنس في العلاقات العاطفية. ينبغي أن يعرف الأطفال في هذا العمر الأعراف والقواعد الاجتماعية الأساسية المتعلقة بالخصوصية، والعري، واحترام الآخرين في العلاقات بكل أنواعها. أيضًا، يجب أن يدرس الأطفال أساسيات البلوغ في نهاية هذا العمر، لأن عددًا من الأطفال سيواجهون بعض علامات البلوغ قبل سن عشر سنوات. بمجرد أن يفهم طفلك ما هو البلوغ، اِستغل هذه المعرفة الجديدة لمواصلة الحديث عن الجنس والحمل والتكاثر والعملية الإنجابية وتطوير أساسيات التكاثر التي تعلموها في المرحلة السابقة، وقد يشمل ذلك ارتباط الجنس بالحمل ودور الجماع. مرة أخرى، ابقِ حديثك بسيطًا، وصادقًا، ودقيقًا.

  •  من تسع إلى اثنتي عشرة سنة:

بالإضافةِ إلى تدعيم جميع المعلومات السابقة والتأكد أن الطفل قد تعلمها بالفعل، ينبغي أن يتعلم الأطفال في هذه المرحلة العمرية الجنسَ الآمن، وطُرُق منع الحمل، والأمراض المنقولة جنسيًا وكيفية تجنبها. يجب عليهم أن يفهموا أسس العلاقات وما يجعل العلاقة جيدة، وما يجعلها سيئة. كما ينبغي أن يتعلم الأطفال أيضًا الحُكم على ما إذا كانت صور الجنس والحياة الجنسية في وسائط الإعلام حقيقيةً أم زائفة، أو واقعيةً أم لا، وما إذا كانت إيجابيةً أو سلبية.

  • من ثلاث عشرة إلى ثماني عشرة سنة:

يُحب المراهقون بشكلٍ عام الحفاظَ على خصوصيتهم. ومع ذلك، إذا كان الآباء يتحدثون إلى أطفالهم عن الجنس منذ صغرهم ويقومون بتوعيتهم بشكلٍ مستمر، فإن ذلك يزيد من احتمالات أن يلجؤوا إليهم في سنِّ المراهقة لطلبِ المشورة والرأي الصحيح في علاقاتهم. استغل البرامج التلفزيونية والأفلام واجعلها نقطةَ انطلاقٍ طبيعية غير مُتكلِّفة لبدءِ مُحادثةٍ عن الجنس. هذا هو الوقت لتذكير طفلك الذي أصبح مراهقًا أنَّ مشاعره قد تتغير تجاه الجنس الآخر، وأن الهرمونات قد تجعل من الصعب مقاومة النشاط الجنسي وتعيقه عن التفكير بوضوح. تحدث مع أطفالك عن الجنس والحب وعلّمهم أن الهرمونات قد تجعلهم يخلطون بين الجنس والحب، لأنها قد تجعل من الصعب معرفة ما إذا كانت مشاعرهم هي مشاعر حب حقيقية أم مجرد رغبة في ممارسة الجنس.

تذكَّر أنه من المهم ألّا تتحدث عن الحقائق المُجرَّدة فقط، يجب أن تُشارك طفلك مشاعرك وقيمك ومواقفك ومعتقداتك، وأن تشرح له الأسباب التي جعلتك تشعر بهذا الشعور دون غيره. وعندما يطرح أحدهم عليك سؤال: «ما هي التوعية الجنسية؟»، تذكَّر أيضًا أنها ليست متعلقة فقط بالجنس. إنها متعلقة بكيفية إعطائك أطفالِكَ المهاراتِ اللازمة لتشكيلِ صداقاتٍ قوية وعلاقاتٍ عاطفية صحية يمكنها أن تستمر طول حياتهم على المدى الطويل. المفتاح لخلقِ حياةٍ سعيدة هو واحدٌ من أعظم الهدايا التي من الممكن أن تمنحها لأطفالك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعداد: Hasnaa El-debawy
مراجعة علمية:  Maria Abd Almasseh
تدقيق: Mohamed Sayed Elgohary

 

المصادر:

  1. Age-Appropriate Sex Education for Children: What They Should Learn and When – AboutKidsHealth [Internet]. Aboutkidshealth.ca. 2017 Available from: http://www.aboutkidshealth.ca/En/HealthAZ/FamilyandPeerRelations/Sexuality/Pages/Sex-Education-Age-Appropriate-For-Children-what-they-should-learn-and-when.aspx
  2. Sex Education for Children: Why Parents Should Talk to their Kids About Sex – AboutKidsHealth [Internet]. Aboutkidshealth.ca. 2017 Available from: http://www.aboutkidshealth.ca/En/HealthAZ/FamilyandPeerRelations/Sexuality/Pages/Sex-Education-for-Children-Why-Parents-Should-Talk-to-their-Kids-About-Sex.aspx
  3. What is Sex Education? | Sex Ed Definition and QA [Internet]. Plannedparenthood.org. 2017 Available from: https://www.plannedparenthood.org/learn/for-educators/what-sex-education
  4. What is sex education? [Internet]. Sex Ed Rescue. 2017 Available from: https://sexedrescue.com/what-is-sex-education/
  5. Talking to Your Kids About Sex – familydoctor.org [Internet]. familydoctor.org. 2017 Available from: https://familydoctor.org/talking-kids-sex/?adfree=true

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي