يقول باحثون ألمان:
«إنَّ ضغط العمل، وارتفاع ضغط الدم، وقلة النوم قد تكون تَذكرَتك إلى قطار الوفاة المبكر!»
علَّق الباحثون في دراسة أُجرِيت على (ألْـفَيْن) عامل، تمت متابعتهم لمدة (18 سنة) أن الذين لديهم عمل مُرهِق، ولايحصلون على نوم كافٍ مُعرَّضون لخطر الوفاة بأمراض القلب بمقدار (ثلاثة أمثال) هؤلاء الذين يحصلون على قسطٍ وافرٍ من الراحة مِمَّن ليس لديهم وظيفة مرهقة.
يقول الطبيب (جريج فونارو)، أستاذ أمراض القلب بجامعة «كاليفورنيا» في «لوس أنجلوس»:
«يُعاني ما يقرب من (50%) من البالغين من ضغط دم مرتفع».
ويضيف فونارو، الذي لم يشارك في تلك الدراسة:
«أن ارتفاع ضغط الدم يُعتبر عاملَ خطِرٍ رئيسًا في الإصابة بالنَّوبات القلبية، والسكتات الدماغية، وفشل القلب، وأمراض الكُلى، بالإضافة إلى الوفاة المبكرة الناتجة عن أمراض القلب والأوعية الدموية».
يُكْمِل الطبيب حديثه قائلًا:
«أثبـتـت عِدَّة دراسات وجود ارتباط بين زيادة ضغط العمل، وخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، كما أنه أُثبِتَ ارتباط قلة النوم بزيادة خطر الإصابة أيضًا»
ومع ذلك، لم تُثبِت هذه الارتباطات وجود علاقةٍ سبـبـية بينهما.
وفي الدراسة البحثية الجديدة: أفاد الباحثون أن بين مرضى ارتفاع ضغط الدم، هؤلاء الذين يعانون من ضغط العمل فقط معرَّضِين لخطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية بمقدار الضِّعف، وكذلك الذين أبلغوا عن قلة النوم فقط.
وفقًا للباحث الرئيس، والأستاذ في مركز «البحوث الألمانيّ للصحة البيئية»، وجامعة «ميونيخ التقنية»، الدكتور (كارل-هينز لادويج)، فإنه يعلق قائلًا:
«يجب أن يكون النوم وقتًا للاستجمام، والراحة، بل لاستعادة مستويات الطاقة؛ فلا شك أن النوم سيساعدك على الاسترخاء، إذا ما صادفت ضغوطًا في العمل».
«للأسف، يقترن كُـلٌّ مِن قلة النوم، وضغط العمل ببعضهما البعض، أما بإضافة ارتفاع ضغط الدم لَهُما؛ فيصبح التأثير الكُليّ أكثر فتكًا»؛ وهذه إضافة للطبيب في بيانٍ له.
فوفقًا لباحثي هذه الدراسة، يُعتبر العمل مُجهِدًا، ومُوَتِّرًا عندما يكون على الموظفين مَطالبُ كثيرةٌ، ولكن بحَوْزَتهم سيطرة قليلة فيما يتعلَّق بعمَلِهم. كمثال: يُطالب رئيس العمل مرؤوسيه بالنتائج، ولكنه يَحرِمُهم مِن سُلطة اتخاذ القرارات.
فيعلق لادويج:
«إذا كان عليك مطالبُ كثيرةٌ علاوة على سُلطة كبيرة -أي بكلمات أخرى: لديك سُلطة اتخاذ القرارات-؛ فذلك من شأنه أن يكون جيدًا لصحتك، ولكن تواجدك في مواقف مُجهدة، وليس لديك فيها أي سلطةٍ، أو قدرةٍ على تغييرها؛ من شأنه أن يلحق ضررًا بصحتك».
يُعَرَّف قلةُ النومِ على أنه صعوبةٌ في بدء النُّعَاس، وكذلك البقاء فيه؛ فيقول لادويج:
«يُعد البقاء نائمًا أحد أكثر المشكلات شيوعًا فيما يخص أولئك الذين لديهم وظائف مُجهِدة»
فهذه المشكلات تتجمع بمرور الوقت لكي تَستنزف طاقتك، «وقد تكون تَذْكَرتُك إلى الوفاة المبكرة»؛ هكذا أضاف الطبيب.
ويقترح لادويج بشأن خفض نِسَب الوفاة المبكرة، أنه يجب علَى الناس أن يعملوا على إبقاء ضغط دمهم منخفضًا، وأن يكتسبوا عادات جيدة فيما يتعلق بالنوم، علاوة على أن يجدوا طرقًا فعَّالة للتعامُل مع التوتر، والإجهاد.
ويعتقد (ميكا كيفيماكي)، أستاذ علم الأوبئة الاجتماعي بكلية «لندن الجامعية»، أن هذه الدراسة تُلقِي الضوء –بصورة فريدة- على مخاطر مكان العمل.
يقول كيفيماكي بأن معظم الأبحاث السابقة التي تتعلق بإجهاد العمل، وضغطه تستهدف جموع العاملين بصورة عامة.
«كانت الآثار على الصحة متواضعة نسبـيًّا؛ وعلى الرغم من ذلك، تشير أحدث النتائج إلى أن الإجهاد قد يكون مشكلةً أكبر بكثير لهؤلاء الذين يعانون من أمراض بصورة مسبَقة، وتُدعِمُ هذه الدراسةُ الجديدة هذه الفكرة».
قال كيفيماكي، الذي لم يشارك في هذه الدراسة:
«إن محور التركيز على الأُناس الذين يعانون بالفعل من ارتفاع ضغط الدم كان اختيارًا موفقًا بدوره».
وأفاد كيفيماكي:
«في هذه المجموعة، يعتبر تصلبُ الشرايين أمرًا شائعًا».
ويضيف قائلًا:
«إنه بالنسبة لهؤلاء المرضى، التعرض للتوتر قد يزيد الاضطراب الكهربائي للقلب، بالإضافة إلى اضطراب الترسبات في جدار الشرايين، وتكوين الجلطات، والتي بدورها تؤدِّي إلى عدم انتظام ضربات القلب، أو النوبات القلبية، أو السكتات الدماغية».
ويعتقد الباحثون أنه يُمْكِن لأرباب العمَل أن يساعدوا في تخفيف الضغط والتوتر؛ بتوفير برامج لتعليم الموظفين كيف يسترخون.
أضاف لادويج أنه يجب على أصحاب العمل أن يوفروا برامج للتعامل مع التوتر، وعلاج اضطرابات النوم في مكان العمل، وتحديدًا للموظفين الذين يعانون من مشاكل مزمنة، مثل: ارتفاع ضغط الدم، كما يجب لهذه البرامج أن تتضمن أيضًا مساعدة الموظفين على الإقلاع عن التدخين.
يقول فونارو:
«إنه من المعروف جيدًا أن الأُناس الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم بإمكانهم التقليل -بشكل كبير- من خطر إصابتهم بالنوبة القلبية، والسكتة الدماغية؛ من خلال المحافظة على مستويات ضغط الدم الصحية».
كما قال:
«سنرى ما إذا كانت برامج العمل المخصصة للتعامل مع التوتر وعلاج اضطرابات النوم ستؤتي بثمارها؟».