الحسّاسيّة الغذائيّة.. احذر قبل أن تأكل!

allegrens1116-800x500_c
|احذر قبل أن تأكل (الحساسية الغذائية)!

قد تكون مُنعت وأنت طفل صغير من تناول قطعة كعك أو آيس كريم وتذمّرت باكيًا ثم أخذتها من رفيقك في المدرسة لتبدأ بعدها سلسلة أعراض تنتهي بتنبيهات الطبيب لا تأكلها ثانية فجسمك يتحسس منها. بالتأكيد لم تفهم السبب وقتها لذا من المهم معرفة لماذا يُمنع البعض من بعض الأطعمة.

في السنوات الأخيرة ازداد الحديث عن الحساسية الغذائية في وسائل الإعلام المختلفة، على الرغم أن معدل انتشارها غير معروف إلا أن التقديرات تُرجح إصابة 6% من الأطفال وحوالي 4% من البالغين في أمريكا الشماليّة يُعانون من الحسّاسيّة الغذائيّة ولأن النسبة مُعرّضة للزيادة لذا كانت الحاجة لمعرفة المزيد عن هذه المشكلة.(1)

من المعروف أن وظيفة الجهاز المناعي محاربة الجسيمات الضارة (الجراثيم كالبكتيريا والفيروسات) بضخ أجسام مضادة وخلال عملها تحدث أعراض مثل: سيلان الأنف، وحكة في العينين، وقد تصل لصعوبة في التنفس. كذلك لبعض الأطعمة قابلية إحداث تحسس ومن أشهرها: الحليب، والبيض، والقمح، والصويا، والذرة، والمكسرات، والأسماك. هذه الأطعمة تمثل حوالي 90% من مُسببات الحسّاسيّة الغذائيّة طبقًا لإدارة الغذاء والدواء الأمريكيّة.(2)

ما هي الحسّاسيّة الغذائيّة؟


هي تفاعل مناعي إنعكاسي كاستجابة تجاه بروتين مُعين في الطعام -لسبب وراثي غالبًا- عن طريق الأجسام المُضادة من النوع (الجلبيولين المناعي إي – IgE). 

هذه البروتينات تحتوي على عُقل صغيرة مُسببة للتحسس تُسمّى (حاتِمة – Epitope) قابِلة للذوبان في الماء ومُقاومة للتكسّر بالحرارة أو الحمض وبالتالي تظل كما هي حتى بعد الطبخ والهضم مثل: بروتين (الكازين – Casein) في الحليب، و(الفيسيلين – Vicillin) في الفول السوداني، وأوفوميوكويد (Ovomucoid) في البيض.(1)
عادًة تستمر حسّاسيّة اللبن، والبيض، والصويا، والقمح طيلة العشر سنوات الأولى من عمر الطفل بينما حسّاسيّة الفول السوداني، والمكسرات، والأسماك تستمر مدى الحياة. وتُعَدّ حسّاسيّة الفول والمكسرات الأكثر حدةً وخطورةً.
فيما يلي معدل انتشار خمسة أنواع رئيسيّة من مسببات الحسّاسيّة الغذائيّة طبقًا للتقديرات الكنديّة.

احذر قبل أن تأكل (الحساسية الغذائية)!
معدل انتشار خمسة أنواع رئيسية من مسببات الحساسية الغذائية طبقا للتقديرات الكندية.
المصدر: https://aacijournal.biomedcentral.com/articles/10.1186/1710-1492-7-S1-S7?fbclid=IwAR0gencb1nCeK38CqtlomhTk7zN-iHSJNvQ16nenKI_xJoVbj9w0DKcdxe8

كثيرًا ما يحدث الخلط بين حسّاسيّة الطعام التقليدية وأعراض عدم تحمل الطعام، مما يضطر حوالي 20% من البالغين والأطفال لتغيير نمطهم الغذائيّ اعتقادًا منهم أنها حسّاسيّة غذائيّة، فكلاهما يتعلق حدوثه بالجهاز المناعي بينما يختلفان في أسلوب الاستجابة والأعراض الظاهرة على المريض.

  • حسّاسيّة الغذاء التقليدية

فيها يتحفز الجهاز المناعي لإنتاج أجسام مُضادة (IgE) وتحدث فجأة بمجرد تناول طعام مُسبب للحسّاسيّة مما يؤدّي لظهور الأعراض فورًا من كمية طعام قليلة وتظهر الأعراض خلال بضع ثوانِ لعدة دقائق وتتكرر الأعراض في كل مرّة بعد تناول نفس نوع الطعام.

  • عدم القدرة على تحمل الطعام (حساسية الطعام المتأخرة) (food intolerances)

فيها ينتج الجهاز المناعي أجسامًا مُضادة من النوع (غلوبيولين مناعي ج – IgG) تؤدّي لحدوث التهابات وتبدأ الأعراض بالظهور تدريجيًا بعد ساعات إلى ثلاث أيام لذلك من الصعب تحديد الطعام المُتسبب في الحساسية، مثل: الاضطرابات الأيضيّة (عدم تحمل اللاكتوز – Lactose intolerance)، وتفاعلات تجاه مواد سامة، مثل: الهستامين الذي تنتجه الأسماك المُلوثة بالسالمونيلا)، والمكونات الكيميائيّة الدوائية في الطعام، مثل: الكافيين المُسبب للعصبيّة، و(التيرامين – Tyramine) في الأجبان القديمة والمُسبب للصداع النصفي).
بالإضافة ل (متلازمة فراي – Auriculotemporal syndrome) (اضطراب عصبي ينتج عن اصابة بالغدد النكافيّة و يتميّز بتدفق اللعاب) و التي تتشابه أعراضها مع أعراض حساسية الطعام.
تقريبا 35% من الأطفال الذين يُعانون من (التهاب الجلد التآتبي – Atopic dermatitis) لديهم قابليّة الإصابة بحساسية الغذاء (IgE)، كما أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يُعانون من التهاب الجلد التآتبي وحساسية الغذاء تزيد احتمالية إصابتهم ب (التهاب الأنف التحسسي – Allergic rhinitis)، و(الربو – Asthma).

أعراض الحسّاسيّة الغذائيّة 

تشمل تأثيرات على كلٍ من:

  • الجلد (وهي الأكثر شيوعًا مثل: أرتيكاريا، وتورم، واحمرار في الجلد).
  • الجهاز التنفسي (سيلان الأنف، وتشنج القصبة الهوائية، وتورم الحنجرة).
  • الجهاز الهضمي (غثيان، وقيء، وآلام المعدة، وإسهال).
  • الجهاز الدوري (عدم انتظام دقات القلب، وانخفاض ضغط الدم).

تتمثل عوامل خطورة الحساسية في حدوث فرط (الحسّاسيّة – Anaphylaxis) التي تتسبب في مائتي حالة وفاة سنويّة في الولايات المتحدة.(1)

عندما تصل المواد المُسببة للحسّاسيّة إلى المعدة تُنتج آلام شديدة في البطن و قيء مستمر، وعندما تصل إلى الأمعاء تتسبب في إسهال حاد. وبمجرد امتصاصها تظهر تفاعلات الحسّاسيّة على البشرة تبدأ بالحكة واحمرار بالجلد والتهاب الملتحمة وقد تتطور لالتهاب في القصبة الهوائيّة حتى لدى الأشخاص غير المصابين بالربو بالاضافة لانخفاض ضغط الدم و فقدان الوعي و هبوط في الدورة الدمويّة.(4)

تشخيص الحسّاسيّة الغذائيّة 

يتطلب تشخيص الحسّاسيّة الغذائيّة معرفة تفصيليّة بتاريخ المرض، وفحص طبي، واختبارات تشخيصية
(مثل: اختبار وخز الجلد، وتحليل الدم للكشف عن وجود IgE).


تاريخ المرض

من المهم مناقشة الأطعمة المشكوك فيها، وأيضًا طريقة طهي الطعام والبهارات المُضافة.
كذلك تحديد وقت ظهور الأعراض بعد التعرض للطعام وشدتها ومدة استمرارها. والسؤال عن عوامل أخرى قد تُحفز الحسّاسيّة كممارسة الرياضة أو الكحوليات.

الفحص الطبي

الغرض منه هو البحث عن دلالات الإصابة بالحسّاسيّة أو أمراض أخرى تُشابهها في الأعراض (مثل: التهاب الجلد التآتبي، والربو، والتهاب الأنف التحسسي).(1)

اختبار وخز الجلد (Skin prick test)

هو الأسرع والأكثر شيوعًا حيث  يُمَكِّن الطبيب من اختبار عّدة أطعمة في وقت واحد. وفيه تُوضع على الجلد قطرة صغيرة من السائل المُحتوي على الطعام و يُشاهد حدوث الوخز الذي يُشبه لدغة البعوض للدلالة على التحسسّ من هذا الطعام.

تحليل الدم

يتم أخذ عينة من دم المريض وتُرسل للمعمل لتعريضها ل (مسببات الحسّاسيّة – Allergens) ويستغرق حوالي أسبوع لمعرفة النتائج.

لا يمكن لاختبار وخز الجلد ولا تحليل الدم التنبؤ بمدى حدّة الحسّاسيّة الغذائيّة.(5)

الوقاية والعلاج من الحسّاسيّة الغذائيّة 

حتى الآن لا يوجد علاج للحساسية الغذائية، فقط يمكن تجنب الأعراض بالمنع الكامل للطعام المُسبب للحسّاسيّة. لذا تتعلق الآمال بالبحث العلمي لإيجاد دواء يُخفف من معاناة الحسّاسيّة. بالتالي يُوصى الوالدين والمشرفون في المدرسة بقراءة مكونات الأغذية قبل تقديمها للطفل لتجنب التحسسّ وفي حالة التعرض المفاجىء لأعراض حساسية يُعطى الأدرينالين عن طريق الحقن العضلي في الفخذ.(6،7)

في النهاية نستنتج أن حساسية الغذاء قد تكون مشكلة مُزمنة، إلا أنه من الممكن التعايش معها بالتشخيص السليم والفهم الجيد للممنوعات وتقديم بدائل أخرى للطفل ليستمتع بطفولته دون شعور بحرمان.

 

  1. Food allergy. Allergy, Asthma & Clinical Immunology [Internet]. 2011 Nov 10 [cited 2018 Dec 10];7(1):S7. Available from: https://doi.org/10.1186/1710-1492-7-S1-S7
  2. (2) https://www.fda.gov/food/buy-store-serve-safe-food/what-you-need
    know-about-food-allergie
  3.  Why Are Only Some People Allergic to Some Foods? [Internet]. [cited 2018 Dec 11]. Available from: https://www.livescience.com/32581-why-are-only-some-people-allergic-to-some-foods.html?fbclid=IwAR0kPTKexJypqfHd47e96wASWKQXeWLv-9-tLpEx-RFGpldAHE7SQDjwaVs 
  4.    Bégin P, Nadeau KC. Diagnosis of Food Allergy. Pediatr Ann [Internet]. 2013 Jun 1 [cited 2018 Dec 11];42(6):102–9. Available from: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4161456/
  5.    Testing for Food Allergies [Internet]. WebMD. [cited 2018 Dec 11]. Available from: https://www.webmd.com/allergies/food-allergy-test
  6.  What is a Food Allergy? | Food Allergy Research & Education [Internet]. [cited 2018 Dec 11]. Available from: /life-with-food-allergies/food-allergy-101/what-is-a-food-allergy
  7. What Parents Need to Know About Food Allergies [Internet]. [cited 2018 Dec 11]. Available from: https://www.kidswithfoodallergies.org/page/newly-diagnosed.aspx?fbclid=IwAR3-G5323UByHfvTE3vkNoyAItbBCtgLZu94RvyQsCwE8iGNLXJB7XPUOTo

المصادر:

إعداد: منار ممدوح موميه
مراجعة: مرثا فارس
تدقيق لغويّ: ريم عرابي
تحرير: نسمة محمود

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي